19‏/09‏/2012

مبروك البويه الجديده


واستيقظنا على وعد عوده الداخليه الى الشارع وعوده الامن من جديد وحفظ الاستقرار ومنع انتشار الجريمه والحفاظ على القانون , لقد ثقبوا آذاننا بريح انفاثهم القذره وهم يرددون " كسرتوا الداخليه " فهل حقا كسرنا الداخليه ام حاولنا كسر طغيان الداخليه وجبروت الداخليه , هل كان حقا العداء مع الداخليه لمجرد كسر الاستقرار واسقاط هيبه الدوله , هل كان العداء مع الداخليه مجرد افكار فوضويه كما يدعى القابعون تحت نهود السيطره ليرضعوا مزيدا من التعود على الاذلال والخضوع والسمع والطاعه .. أحقا أذنبنا بحق الداخليه ؟ ام نسينا أساليب القمع الوحشيه والتعذيب فى المعتقلات واقسام الشرطه التى تحولت الى (سلخانه) لسلخ جلود المعارضين بجوار المذنبين , هل نسينا فيديوهات التعذيب الجماعى والاذلال , هل نسينا فيديوهات التعذيب الجنسى للمواطنين , هل نسينا السائق الذى أغضب الضابط فى قسم شرطه بولاق فأحضره مكبلا الى القسم وقام بتصويره وهم يقومون بإدخال عصا غليظه فى دبره – هل خدشت حيائك أخى القارئ ؟ ارجوا ان يبقى الحياء مجاورا للحميه الى اخر كلامى – اذا كنا نسينا ما سبق فمن الطبيعى ان ننسى خالد سعيد وسيد بلال وغيرهم ومن الطبيعى ايضا ان ننسى من ماتوا فى احداث الثوره ( اعذرونى هل كانوا ألفا أم اكثر ؟؟ ) .. فلتعد الداخليه وليعم الامن فقد أتى رئيسا وشكلت حكومه ( حكومه نظيفه خاليه من الفلول وبناءا عليه فقد انتهت صلاحيه كلمه فلول ولم تعد لها مكانا فعندنا قياده تمسك بزمام الامور ) وحتى تعود الداخليه (التى كسرناها) علينا ان نعمل على مراضاتها (ونحايلها) فقام الرئيس برفع مرتباتهم (بعد ان رفعها من قبله المشير صاحب قلاده النيل – ارفع وسام فى الدوله - ) والحمد لله لقد رضيت عننا الداخليه ونزلت الشارع , وشهدنا الامن مستتبا فى ايام العيد ولم نرى اغتصاب الفتيات فى الشوارع ( اكتفوا فقط بتقطيع ملابسهم ) وشهدنا الامن منتشرا حول المساجد ( التى يزورها السيد الرئيس ) وعرفنا قيمه الشرطه وهم ينقذون السفاره الامريكيه باستخدام الغاز ( الذى ليس له اضرار طبقا لتصريح السيد رئيس الوزراء ) واخيرا وليس اخرا سيخطب فينا الخطباء وينادى فينا الوعاظ بأن عصر طغيان الداخليه وتعذيب المواطنين فى اقسام الشرطه والسجون قد انتهى فقانون الطوارئ قد ذهب بلا رجعه ( القانون الذى يبحث وزير العدل عودته ) وان ضباط الشرطه قد عرفوا ان للمواطن كرامه ... عفوا أخى الخطيب على المقاطعه أحببت فقط ان اقول لك منذ يومين تمت حادثه تعذيب لمواطن واهانه كرامته وتقطيع ملابسه فى قسم شرطه شبرا , واليوم ومنذ قليل فقط مقتل شاب على يد ضابط داخليه بالمحله الكبرى ومنذ خمسه ايام الاعتداء على مواطن اثناء التحقيق معه واحداث جرح له فى عنقه وغيرهم من حوادث التعدى الجنسى ( اسف خدشت حيائك لتانى مره ) بالاضافه لحالات الاختطاف من المنازل دون اذن نيابه او حتى توضيح السبب فهل حقا تم الغاء قانون الطوارئ ؟ وهل حقا عادت كرامه المواطن المصرى اثناء تعامله مع الشرطه ؟ ام ان عوده الداخليه مشروط بإذلال المواطنين ؟؟؟ ... سؤال للتأمل ...

*****

بعد انتهاء الحرب العالميه الثانيه عام 1945 قسمت المانيا الى اربعه مناطق محتله بحسب اتفاقيه يالطه بين الولايات المتحده والاتحاد السوفيتى والمملكه المتحده وفرنسا , وفى عام 1949 بعد قيام جمهوريه المانيا الاتحاديه ( المانيا الغربيه ) فى المناطق المحتله من قبل الولايات المتحده  والمملكه المتحده وفرنسا , وقيام جمهوريه المانيا الديمقراطيه (المانيا الشرقيه ) فى المنطقه المحتله من قبل الاتحاد السوفييتى , وبدأوا فى وضع الحدود لكلا الدولتين ووضح شرطه وحرس حدود واسياج حديديه ولكن رغم ذلك نزح ما يقرب من 3 ملايين المانى الى المانيا الغربيه لرفضهم السياسه فى الشرقيه وكان ذلك بين عامى 1949 و 1961 الى ان تم بناء جدار برلين بتاريخ 13 اغسطس 1961 وقام المواطنين برسم جرافيتى بطول الجدار الذى كان يحد بين الدولتين رسموا التاريخ الذي عاشوه , رسموا آمالهم وطموحاتهم , رسموا رغبتهم فى الحريه والعوده الى ما قبل الحرب العالميه , لم يكن الجدار بالنسبه لهم مجرد حد يفصل بين دولتين كانا دوله واحده قسمتها الحرب ولكنه كان ذكرى وتاريخ تعيشها الاعين كلما مرت عليه , لاكثر من 28 عاما وهم يعيشون احلامهم بذكرياتهم حتى فتحوا الجدار بتاريخ 9 نوفمبر 1989 وأعلنوا انعدام الحدود بين الدولتين وقيود التنقل قد أذيلت , هدموا معظم الجدار ولكنهم أبقوا بعضه ليتذكروا ماضيهم ويتعلموا ويسعوا الى الامام .. اما دولتنا التى اعتبرت رسوم الجرافيتى فى شارع محمد محمود مجرد اسلوب غير حضارى يجب ازالته فهم ضيقى الافق ( اعتذر فقد نسيت انهم لا يحترمون حقوق المواطن ) .. أحداث محمد محمود برغم تفلت البعض منها وانشغاله بمكاسب خاصه الا انها لم تكن مجرد مظاهره او اعتصام بل كانت الثوره على حقيقتها , اسبوعا من المد والجزر والسيل من المصابين .. تسلسل لاحداث تركت اثرا يصعب مسحه فى نفس كل من شارك ووقف واسعف واختنق واصيب , تركت أثرا فى عيون فقعت وجماجم اخترقت واجساد احترقت ورئه امتلئت بغاز ( ليومين لم نعرف كيف نعالجه ) ورغم الاتهامات بأننا بلطجيه وتحركنا أيدى خفيه ( لتعطيل الانتخابات ) واننا نهدم كيان الدوله , ونسعى لاقتحام الداخليه ( من كان هناك يعرف كيف بدأت وسارت وانتهت الاحداث ) وغير ذلك من الاتهامات العبثيه الا اننا حصلنا فى النهايه على موعد انتخابات الرئاسه وجاء الرئيس فهل من العدل محو التاريخ ( بدعوى النضافه ) ... اللى رسم ومات طلع غيره واللى رسم ولسه عايش عنده نفس يعيده , واللى اتمسح فى ساعه من تانى هنعيده , والرسم فى قلوبنا مش هتقدر تمسحه ايده ... ومبروك البويه الجديده ...


17‏/09‏/2012

الباستافريانيه والدستور


بعد تمادى سياسيه جورج بوش الابن العنصريه اثناء توليه السلطه  كرئيس للولايات المتحده الامريكيه فى الفتره من 2001-2009 , وبعد حرب افغانستان والعراق وبعد ظهور كتله كبيره من المعارضه التى تمثلت فى التظاهر من أسر الجنود الذين تم ارسالهم الى الحرب وتظاهرات اخرى ضد سوء الحاله الاقتصاديه .. كان على الرئيس بوش ان يلجأ الى سياسه نشر افكار التشدد الدينى لمحاربه حركه المعارضه واقرار الحرب (الصليبيه كما وصفها هو ) – يبدوا انه لجأ الى مبارك فى هذه النقطه – وذلك للاستعداد للجوله الانتخابيه التاليه ... وبالفعل ظهرت فى الشوارع تظاهرات من نوع استثنائى تطالب بتغيير مناهج العلوم والغاء النظريات التى تعتمد على التجربه والملاحظه والقياس فى تفسير الظواهر الطبيعيه ووضع بدلا منها التفاسير الانجيليه , وبعد الضغط على الحكومه استجاب المحافظين الجدد لمطالبهم ( بل وانحازوا لهم تطبيقا للسياسه العامه ) وتمادوا فى التظاهر مطالبين بانشاء قسم يختص بظواهر ما وراء الطبيعه واقراره كقسم علمى فى مجمع البحوث العلميه ( وهذا ما يتعارض تماما مع اسس وضع النظريات العلميه ) وتعاطف الكثير من المواطنين معهم ووقفوا بجوارهم , مما اثار ضجه بداخل الاوساط العلميه وخرج العلماء على شاشات التلفاز ما بين مندد وصارخ بعدم الامتثال لمثل هذه المطالب وبليت حلوقهم من كثره المناداه بالفارق بين البحث العلمى ودراسه اللاهوت الدينى وان استقلاليه العلوم وابحاثها قد انتهى الخلاف عليها من القرون الوسطى ولا يمكن الخلط بينهما بأى حال من الاحوال .. وفى الجانب الاخر يقف القساوسه وسط المتظاهرين قائلين بأن هولاء العلماء يريدون ان يبعدوا الناس عن الدين ويرغبون فى انعدام الاخلاق ونشر الرذيله فالسماع لهم حرام واتباعهم حرام ... نجحت الحمله نجاحا جزئيا وفاز جورج بوش بمرحله رئاسيه ثانيه وتم حزف بعض النظريات  من مناهج العلوم ولكنهم لم يستطيعوا اضافه القسم الى مجمع البحوث العلميه لمخالفته قانون استقلاليه العلم  ولكن القساوسه ما زالوا يطالبون , فاعترض العالم الفيزيائى بوبى هندرسون بابتكار طريقه فكاهيه توقف هذا المد المتشدد .
ابتكر ديانه اسماها الباستافاريانيه وهى مشتقه من كلمتين باستا ( كلمه ايطاليه معناها المكرونه ) وكلمه مشتقه من راستفاريه , وخرج عام 2005 معلنا ديانته وكتب كتاب اسماه ( وحش الاسباكتى الطائر ) تمت طباعته عام 2006 واعتبر التعبد لطبق من المكرونه وسطه قطعتين من اللحم , وبدأ فى جمع التابعين له ونشر الديانه فى جميع دول العالم مهددا بالتظاهر لاعلانها ديانه رسميه ومطالبا بدراستها بدلا من ماده العلوم ككل حيث وضع بعض التفسيرات والقدارت الخارقه التى يفعلها طبق المكرونه ( مثل تفسيره لارتفاع درجه الحراره بانخفاض عدد القراصنه وهو يعتبر القراصنه كائنات مقدسه وقال بأن العلاقه الطرديه لا تساوى السببيه ) .
الغريب ان ابتكاره نجح فى اخماد ثوره القساوسه وتغير هجومهم على العلماء الى هجوم على الديانه الجديده التى تطالب بالاعتراف بها كديانه رسميه , حتى ان بوبى هندرسون كان يبكى من الضحك وهو يقف مناظرا احد القساوسه فى الديانه الجديده – وكأنه يريد ان يخبرهم يالغباء عقولكم المتحجره التى تحارب العلم والتقدم وتقف امام الحضاره تحت مسمى التدين .

فى اوطاننا العربيه قابلنا مثل هولاء القساوسه فى الازمنه الماضيه وما زالوا يعيشون فى اوساطنا , ولكن دائما يخرج من بيننا عالما يخبرهم بضيق عقولهم على الفاظ النص ويعطى تفسيرا اخر وان الدين طالما لكل زمان ومكان فالخطأ فى تفسير النص وليس النص نفسه  واتذكر هنا فتوى قديمه بتكفير واهدار دم كل من يقول بكرويه الارض التزاما بصريح النص القرآنى فى بعض الايات ولكن خرج الكثير من العلماء بعد اعاده النظر فى التفسيرات القديمه وقالوا بأن الايات القرآنيه لا تتعارض مع حقيقه كرويه الارض بل وجاءوا بدليل من القرآن يثبت ذلك , وهكذا الكثير من القضايا التى تحتاج لاعمال العقل .
الظاهره فى مصر من قبل الثوره كانت سياسيه وفقط لبقاء مبارك – ليس لفتره ثانيه كجورج بوش ولكنها لاخر العمر ومن بعده اولاده واحفاده – وبما أن تقدم مصر العلمى لا يختلف كثيرا عن تقدمها فى احترام حقوق الانسان , فرأينا فتاوى تكفير الخروج على الحاكم (المزور والسارق والقاتل والمغتصب) , ولكن الامر لم يختلف كثيرا بعد الثوره فما زال المد مستمرا بأفكار ما انزل الله بها من سلطان فما زالوا يصدرون فتاوى بعناوين مثيره كـ ( كشف المستور فى تحريم صوتك لحزب الـ ...ور ) و ( الكارهين لدين الله يتجمعون لاطفاء نور الله ) و ( الذى جمع اعضاء حزب الـ ...ور هو كرههم للمشروع الاسلامى ) و ( المعارض لسياسه السيد الرئيس كمن يناطح السماء لانه مؤيد من الله ) وغير ذلك من الفتاوى التى تخرج من الالسنه بدون ضابط شرعى ويتناقلها الناس كحكم واجب الالزام , ويحضرنى هنا قول احد علماء الازهر الشريف بأن الفتوى أصعب من دراسه الطب تحتاج لمناقشات والمام بالكثير من العلوم الدينيه والدنيويه والرجوع لعلماء فى مجالات غير الدين للالمام بحيثيات الامر , وان كان من الطبيعى ان يشخص اى فرد مريض واعطائه العلاج دون الحصول على شهادات علميه تؤهله لذلك , فليفت كل من قرأ كتابا او كتابين لمدرسه او اخرى فى الدين كما يشاء .
اما ما يتناقلونه عن اضافه بعض المواد فى الدستور فحدث ولا حرج ( تحت مسمى التدين ) وقد مللت من تكرارها , فهل يمكننا ان ننظر الى الامام ام نحتاج الى بوبى هندرسون ليعلمنا درسا بإعاده النظر

04‏/09‏/2012

اعاده نظر


فى صبيحه هذا اليوم قررت على غير العاده ان اذهب الى المستشفى الجامعى , فقد بت معروفا بعدم انتظام حضورى للمحاضرات ليس لفشلى وانما لعدم الاستفاده من استاذ يشرح بطريقه التلقين الكلاسيكيه او اخر لا يستمع الا لكلماته فقط ولا يرغب بالمناقشه وغيرهم من متبعى الطرق الممله , وبما أننى لست مؤهلا للتعديل على اساتذه عظام كهولاء قررت عدم الحضور الا لمن اشعر باستفاده من كلامهم ولكننى حملت على عاتقى الذهاب اليوم ليضيع تعذيب الضمير فى مرور عام كامل دون حضور , وبعد ارتداء ملابسى ووضع العطر الخاص بى نزلت من السكن فى حلميه الزيتون متجها الى محطه المترو , كان الهواء منعشا والسماء صافيه والشارع شبه خالى من الماره حتى نهايته ولكنى رأيت اطفالا من عمر الثالثه وحتى العاشره بشعر اشعث وعيون غائره ووجوه لا تظهر ملامحها من (الوسخ) - لا اقصد التقليل او الاهانه باللفظ ولكن الوسخ هو ما يعلو الثوب والجلد من الدرن وقله التعهد بالماء – واجسام ضئيه وملابس مهترئه  قابعين على اكوام (الزباله) يفتشون فيها ويفرغون الاكياس وكأنهم يصنفون محتوياتها , يتصارعون اذا وجد احدهم بقايا طعام او على الاقل قطعه خبز والصراع الدامى يكون حين يجد احدهم قميصا او جلبابا ... عرفت حينها لماذا تضع امى بقايا الطعام منفصله فى اكياس نظيفه وتحكم غلقها قبل ان تضعها فى اكياس (الزباله) , وفهمت ما قيمه ان تفصل بين الملابس المتقطعه والتى لا تصلح للاستخدام وبين باقى الزباله حتى لا تتسخ . فى النهايه لن اتوقف طويلا امام هولاء ممن يسمونهم (اطفال الشوارع) وهى ظاهره يتحدث عنها الكثيرين من باب المشكله (العويصه) التى لا يجدوا لها حلا ولكنهم دائما يلقون باللوم عليهم كمنبت لصناعه البلطجيه او المجرمين وكأن اللوم على نبات الخشخاش وليس من زرع بذره الخشخاش وروج لها , يتحاملون على النتيجه متوعدين بأشد العقاب ولكنهم يتخوفون من الحديث عن أصل المشكله . أتذكر حين ظهر علينا صاحب الوجه غير المألوف عاطف عبيد فى احدى تصريحاته للصحافه والابتسامه لا تفارق شفتيه وملامح وجهه لا تتأثر بالموقف وبعد حديثه عن قناه السويس كبديل لحل مشكله ديون مصر الخارجيه – لا اعرف ان كان يقصد بيعها او تأجيرها – تحدث عن المعدمين فى مصر وان نسبتهم وصلت الى 20% من السكان وانهم من اولويات عمله , بعدها سأله الصحفى : ما المقصود بالمعدمين ؟ أجاب : من يصل معدل الدخل اليومى للفرد (صفر) يصنف كمعدم ... ليس لدى احصائيات عن عام 2012 ولكن هذا التصريح منذ اكثر من ثمانى سنوات .
أكملت طريقى فى اتجاه محطه المترو (غير مبالى) بما رأيت وكأنه امر طبيعى , ركبت متجها الى محطه الشهداء (ميدان رمسيس) العربات مليئه بالاجسام المتراكمه والمحشوره كقطع السردين داخل العلب المعدنيه , توقف القطار فى المحطات المتتاليه ينزل البعض القليل ويركب اضعافهم وهكذا حتى وصلت الى مبتغاى , وما ان انفتح الباب حتى انفجر حشد من الناس من كل العربات , الجميع يسير مسرعا كى يلحق بعمله او دراسته لا ينظر احد لاخر الا من صديقين يتسامران فى طريقهما او حبيبين تظهر فى عيونهم لمعه خاصه وابتسامه متردده بين السعاده والحزن وهما يتفارقان مودعين لتغير الفتاه الاتجاه وتذهب لتستقل المترو فى الاتجاه الاخر والشاب يذهب فى اتجاه الخروج , كنت انا خلف الشاب الذى سار منتعشا وهو يغنى ( حبيبى وانت بعيد .. بشتاق للمسه إيد ) ... لم يلفت انتباهى فى طريق الخروج سوى الزحام وخلف الباب الحديدى نوم طفل بنفس الملامح التى رأيتها على القابعين فوق اكوام (الزباله) ليس هناك فارق الا الابتسامه الملائكيه فتخيلت ملاكا يداعبه فى جنه احلامه (الغير واقعيه) , فرغما عنى ابتسمت وذهب خيالى معه طوال بقيه طريقى – من رمسيس الى الدراسه— فرأيته يبيع المناديل الورقيه واعقاد الفل للسائقين فى اشارات المرور , وينتهى اليوم باكتساب خبره التذلل للمشترين والتفنن فى الهرب من رجال الشرطه ولكنه لم يكسب ما يشبع جوع بطنه , رأيته يترك البيع للتسول وتزداد خبرته فى اظهار التذلل والخضوع ليلقى له احدهم جنيها , ثم رأيته يكبر ويكبر حتى أصبح شابا يافعا لا يمكن ان يقبل هو بالتسول او يقبل احد ان يعطيه شيئا اذا تسول فاتجه الى (النشل) ثم رأيته يتحول الى بلطجى قاطع طريق , ثم قاتل مأجور ... توقفت السياره بالجهه المقابله للمستشفى فانقطعت خيالاتى وقطعت الطريق لادخل المستشفى متجها الى قسم الجراحه العامه ومنه الى قاعه المحاضرات , وبدأ الملل الذى غبت عنه كثيرا .. الدكتور جالس على مقعد وبعض الاوراق امامه يقرأ ما فيها بصوت خفيض بطئ متكاسل ولا يرفع نظره عن الورق او يحرك ساكنا , فقررت النوم حتى ينتهى اليوم واعود .


شارك اصدقائك