02‏/06‏/2012

تموت ولا تتقتل


حين اسلم عينه لسبات بعد ارهاق رأى فى منامه وكأن الانتخابات جاءت بـ احمد شفيق رئيسا لجمهوريه مصر العربيه ومرت الايام وعلى غير المتوقع ازدهار فى الاقتصاد وتنميه فى الزراعه وتطوير فى التعليم وزياده فى المرتبات وانخفاض فى الاسعار وارتفاع اسهم البورصه واحترام المصرى بالخارج وعوده الاستقرار فى الداخل والاهتمام بالفلاح والعامل وتوسيع الرقعه الزراعيه والصناعيه وانشاء المدن الجديده وانخفاض نسبه البطاله وكأن الثوره نجحت حقا على يد احمد شفيق , عاما من السعاده والهناء , من التقدم والازدهار , لم يحل مجلس الشعب كما كان متخوفا ولم يسجن الثوار كما كان متوقعا , انتهى العام المبارك وبدأ عام القضاء على اصحاب الالسنه الملقبون بشباب الثوره , حركات وائتلافات ونخبه وكتاب وشخصيات عامه , لن يحتاج احمد شفيق الى تشويههم , بالفعل تم ذلك على يد الاعلام وبعض رجال الدين فهم اجندات وعملاء وفوضويين واناركيين واعداء الدوله والدين , عاما آخر للقضاء عليهم والشعب بجواره يدا بيد فهو الزعيم والقائد , استطاع احمد شفيق الرئيس صاحب السياسه المخضرمه ان يطوع الشعب ويرضيه ويطوع الاسلاميين ويرضيهم فبقائهم فى البرلمان امر حتمى ونصف الحكومه يكفى , مر عام اخر ولم نسمع انجازات للبرلمان وبدأ احمد شفيق يستعد للانتخابات فى الدوره القادمه , اعاد تشكيل الحكومه وتقديم بعض الوزراء ( قيادات اسلاميه ) للتحقيق فى قضايا فساد ادارى ومالى واستخدام نفوذ السلطه فى الكسب غير المشروع , وجائت الانتخابات فلم يحصل الاسلاميون على النسبه المتوقعه نظرا لانشغالهم فى درء التهم الموجهه اليهم والاجتماع مع ما تبقى من شباب الثوره المعتقلين لدراسه كيفيه الخروج من الازمه , ونجاح احمد شفيق فى الدوره الثانيه .

استيقظ فزعا واستعاذ من الشيطان وبصق عن يساره ثلاثا وقام يتخبط فى ظلام الغرفه  يبحث عن كوب ماء يتلقى منه جرعه ترطب جوفه لينسى هذا الكابوس وعاد الى نومه , فإذا بالانتخابات ونتائجها تراوده عن نفسه ولكن هذه المره نجح محمد مرسى فاشتددت الازمات وضاقت الاحوال وازدادت الاضرابات وما زال الانفلات , وامتنع الكثير من الداخليه عن الاجتماعات , ومن قيادات الجيش عن اللقائات والحال يزداد سوءا اكثر مما فات , وحين طالبوا الاجتماع مع القوى الثوريه لم يصلوا الى اتفاقات , هذا يريد منصبا وزاريا والاغلبيه تريد المناصب السياديه , فاجتمعوا بالمجلس العسكرى وهنا جاء الاتفاق , وحل الامن والوفاق ولانهم يسعون للاصلاح فلا سبيل الى الصدام , ارتضوا بالقليل ليحصدوا فى المستقبل الكثير وكان لابد من التضحيه بفريق فضحينا بشباب الثوره اصحاب الالسنه الطوال فهم اجندات وعملاء وفوضويين واناركيين واعداء الدوله والدين , وظل الحكم ابد الابدين من الظاهر رئيس وحكومه وبرلمان ومن الخلف مشير وعنان وبدين .

يبدو انها ليله الكوابيس فالحل ان اظل مستيقظا لا نوم ولا تغفيل , فالعين بصيره واليد قصيره , وما باليد حيله الا ان نكتب ونقول ونعيد ونزيد الميدان ثم الميدان اخوان , سلف ليبراليين , اقباط اتحدوا واثبتوا ان السلطه وسيله او سبيلنا قبر اوتأبيده

حقا انها الحيره يا "سعيد"


وقف احمد محدثا نفسه : " ما هذه الشياطين التى تدعونى الى عصيان ولى الامر , اليس هو من يتولى شئوننا ويحمى حدودنا "

هكذا قالها عن يقين وكأن الدنيا اجتمعت بين يديه والهناء والسعاده صوب عينيه , لا اعلم من اوصل لعقله هذه الكلمات , اهى من باب ضيق على عبيدك , ثم ضيق عليهم اكثر حتى اذا فرجت عنهم شعروا بامتلاك الدنيا جميعا , ام انها من سبل غسل الادمغه بالكلور والمبيضات لازاله كل جميل وليكتبوا عليها من جديد ان ولى الامر كائن لا يمكن عصيانه , وانه الاب والام والابن والابنه , وانه الحامى والساهر , وان اخطأ علينا عذره فازدياد السكان قد فاق الحدود وان رب اسره مكونه من فردين لا يمكنه قيادتها باحكام فما بالك بالملايين من كل شكل ولون .

قاطعه سعيد : "لقد حكمنا بالتزوير , وشئوننا فى الحضيض , وحدودنا فى انفلات وتذليل "

حقا تزوير ما بعده تزوير , فقد احكمت الصناديق وغلفت الاوراق وانتهى الحبر من الاقلام وتطالعنا النتائج ويكأنها الشهاده الثانويه بتفوق ترتيب من اوائل الجمهوريه , ليدير شئون الدوله باحتراف لخدمه زوجته واولاده والمقربين منه دون النظر الى الانحراف فترتفع الاسعار وتضيق الانهار , وتزداد الفجوه بين الاغنياء والفقراء فيزداد هذا ثراء وينوح ذاك رثاء , وعلى الحدود يموت الجنود دون رد الشرف او اعتذار .

صرخ احمد : " ولو ما قلته صحيح فهو الحاكم نطلب منه الاعتدال ولا نخرج عليه , ولنلتف حول مشايخنا فهم طوق النجاه وانا على دربهم اسير وكما قالوا "ولى الامر هذا هو الاب لنا نطلب منه لا نأمره ان يرعانا بعين عطفه ونشد عضده ونقويه لا ان نخرج عليه فتكون فتنه . وليحاربنا الله ان حاربنا خليفه المسلمين "

ياويلنا من التضليل , كيف يعقل ان يكون الجانى حاكما والقاتل قاضيا واعوان الظالمين هم حكماء العصر , الحاكم الظالم يتفنن فى اخضاع شعبه بارادتهم , فمن يحركه الخطاب الدينى فهولاء لهم مفوهون والى القلوب سائرون وهم عن الحقيقه غائبون , يعلمون الناس الجمود ويحثوهم على الركود , ولينظروا لانفسهم لا حاكمهم ,فاخذوا من الاحاديث ظاهرها ومن الاقوال ما يرضى العامه واصبح كل زى جهل مفتى , وانحصرنا بين ظلمه الحكم وظلمه الدين , وكأنما مصائب الحكم تساوى خطايا الفرد.
اخى جاوز الظالمون المدا       فحق الجهاد وحق الفدا.


هب سعيد واقفا ليقول قبل ان يذهب : انه حاكم ظالم وليس خليفه المسلمين , كفاكم تقديسا لاشخاص , كفاكم تمجيدا لحكام , فشيخك ظالم وحاكمنا ظالم " ولا تحسبن الله غافلا عما يفعل الظالمون "

سبحان من له التقديس والتأليه وحده , فقد اصبح الشرك ليس بعباده صنم ولا بعباده القمر او الشمس او النار او البقر , وانما جعلنا بشرا قد يصيبون و يخطئون معصومون فهذا حاكمنا وهذا شيخ حاكمنا وكلاهما لا يخطئون , فانتقلنا لنوع جديد من التمجيد الذى وصل لدرجه التأليه حتى انك تجد من يقول اسمع كلام الشيخ وانفذه فأنا احبه وحبى له يقربنى الى الله ,وكأنه يقول " ما نعبدهم الا ليقربونا الا الله " , وان سألته عن مواراته لظلم الحاكم يقول درء المفاسد مقدم على جلب المصالح , وان قلت له ما الحل لردع ظلم الحاكم قال وما لحاكم الا مغلوب على امره ونحن نحصد ما جنته ايدينا , وان قلت له سنخرج الى الشوارع لنطالب بحقوقنا قال لا ضرر ولا ضرار وان قلت له الاسلام لم يأت لنسكت عن ظلم قال" وما ظلمناهم ولكن ظلموا انفسهم " وان قلت له حدثنى بالعقل قال " افغير دين الله تبغون ".
هكذا خلطوا الامور فيزهق الحق بالباطل , وانبتوا جيلا بل اجيالا ليس لها عقول ولا تعلم من الدنيا سوى شيخها الذى يأمرها بطاعه ولى الامر , وتغاضى عن كلمه حق عند سلطان جائر , والساكت عن الحق شيطان اخرس .


ومرت الايام ومات من الرجال والنساء من مات , وتغيرنا بين عشيه وضحاها من حال الى حال وسعيد ممن نجوا من بطش الحاكم واعوانه , عاد من مطالبه الحق فاقدا احدى عينيه , ليفتح التلفاز فيصدم مما يرى ولا يصدق ما يسمع انه لقاء تلفزيونى مع .......................... احمد

بابتسامه تملأ وجهه يقول : لقد آن للحق ان ينتصر وهزمنا الطاغوت بفضل الله , المجد للشهداء , المجد للثوره ورجالها , ولنكمل ثورتنا المجيده سنقف على تطبيق شرع الله , وكما علمنا مشايخنا ان نقف فى وجه الظلم , وان من يحكم بغير شرع الله فأولئك هم الظالمون , فلذلك قررنا استكمال مطالب الثوره وسنخوض المعركه الانتخابيه ولن نسمح بدعاه الثقافه الغربيه العلمانيه ان يصلوا للحكم " وما النصر الا من عند الله " .

وفوجئ سعيد بزياره أحمد ومعه رجال الصحافه والكاميرات ظن انها زياره صديق ولكنها زياره عمل فهو الان من المشاهير رجال الدين والدوله ويكمل احمد حديثه الصحفى : هولاء المصابين هم اخواننا واخوتنا واول مطالبنا هى الاقتصاص العادل لهم وجلب حقوقهم .

انتصار بعد انتصار , وتقدم لا يقارن , انشأ حزبا ومنه الى اغلبيه تأييديه فهو الحزب الاول فى الدوله واتحد مع كثير من القابعين فى منازلهم وتناسى من خلفه رجال الحاكم الظالم ما زالوا يعملون ويعلمون حتى انهم استرقوا الحقوق وما زالوا يظلمون , اصر سعيد على النزول ليردعهم ويخرب عليهم افعالهم فتعالى دوى الطلقات وادخنه القنابل , وانتظر سعيد قدوم احمد ورجاله ولكن شغفته اللقاءات التلفزيونيه , فخرج على الناس بابتسامته البراقه ليقول : هولاء شباب مأجورين وعملاء يحاولون انتزاع عرس الديمقراطيه من بين ايدينا .

عاد سعيد الى منزله بعد ان فقد عينه الاخرى , وما زال احمد وحزبه فى تقدم , حتى فوجئ بنفسه بدون صلاحيات منتظرا ان يكون الحاكم وولى الامر وفى منصب الخليفه كما كان يقول لتكتمل صلاحياته وفى المنافسه الحاكم الظالم المخلوع
حقا انها الحيره ياسعيد 

شارك اصدقائك