11‏/02‏/2013

نقطة حبر



نقطة حبر هزت أركان الورقة , إرتعشت اليد وهى تخط أولى الحروف , وتشبعت الألياف بما أحتوته من كلمات , تحولت المشاعر الى مخطوطات , وإنتقلت الأحداث عبر الأزمنة حتى صارت الكلمة سلاح ضد كل أركان الخواء , وأرتفعت أسنة الأقلام لتضع أول تنوير فى طريق الحضارة والتقدم , لتضع الإنسان فى مرتبته فوق الحيوانات , لم يميزه عنهم سوى الإدراك الذى نأى به عنهم وجعله سيدا عليهم .
قبل هذا صب الحديد منصهرا ودق بالمطارق حتى أستوى وحدت حوافه , وتدربت الأيادى وتفننت فى إستخدامه حتى أرتفعت أسنة السيوف لتراق أول نقطة دم فى طريق الحروب والتعصبات , فى طريق الأحتلالات والهيمنه , الإبادات العرقيه والمقابر الجماعيه , القتل تحت أى مسمى ولكنه قتل .
إنتظر .. لم تتلاقى الأسنة بعد ولكننا برؤية مصغرة أمام طريقين أيهما ستختار ؟؟ .. لك مطلق الحرية ولكن دعنى أكمل .
إلتقت أسنة الأقلام وأسنة السيوف , كيف ؟ ولماذا ؟ فإما قلم خط وأشار للسيف أن يفعل فعلته , أو قلم وقف وحيدا ضد السيف فكسرت سنونه , وأرتفع السيف عاليا , ولكن القلم لا يحتاج لصهر وطرق أو تدريب وإنما يكفيه قليل من الحبر ويكمل الكفاح فى وجه السيف .
أين التقدم والحضارة إذا فى لون الدماء ؟ هل هو بالأمر المحبب أم بالجاذبية العاطفية ؟ !! لا أعتقد أبدا أن هناك فرق بيننا وبين الحيوانات الأقل منا فى المرتبة أو التدريج , وحتى الإدراك الذى تفوقنا به عليهم هبط إلى أسفل سافلين , وقد صار فى إعتقادى أن البشرية من أخطر الحيوانات على وجه الأرض , أخطر من الأفعى وأشرس من القرش , فحين ننظر الى عدد من ماتوا فى الحروب الكبرى على مر التاريخ , بغض النظر عن الحروب الصغرى التى قد تساوى أضعافا او بالخلافات الفرديه التى تصب فى كفة القتل , فإننا لا نقارن بأشرس الحيوانات .
فأى إدراك هذا الذى يؤدى فى النهاية إلى أقتتال لإبادة الفصيل البشرى , أى إدراك هذا الذى يختلق الأوهام ويورثها ليصنع المذابح البشرية التى لو سجلت فى موسوعات خاصة قد ترى التسابق بينهم فيمن يقتل أكثر , لن أقول الحجاج أو هتلر أو موسلينى ولكن سأقول بشرا تحولوا لقطع شطرنج تحركها أيادى فى حروب تصب فى النهاية لمصالح خاصة أو مجد بلا مجد , ثم يتراقصون على الدماء منتعشين بفورة النصر الكاذب , وأى نصر بعد القتل ؟
الإنسان مصطلح لا يطلق على بنى البشر , بل هو كينونة ترتقى بإستبدال القلم محل السيف وإستكمال مسيرة الإرتقاء .

شارك اصدقائك