17‏/09‏/2012

الباستافريانيه والدستور


بعد تمادى سياسيه جورج بوش الابن العنصريه اثناء توليه السلطه  كرئيس للولايات المتحده الامريكيه فى الفتره من 2001-2009 , وبعد حرب افغانستان والعراق وبعد ظهور كتله كبيره من المعارضه التى تمثلت فى التظاهر من أسر الجنود الذين تم ارسالهم الى الحرب وتظاهرات اخرى ضد سوء الحاله الاقتصاديه .. كان على الرئيس بوش ان يلجأ الى سياسه نشر افكار التشدد الدينى لمحاربه حركه المعارضه واقرار الحرب (الصليبيه كما وصفها هو ) – يبدوا انه لجأ الى مبارك فى هذه النقطه – وذلك للاستعداد للجوله الانتخابيه التاليه ... وبالفعل ظهرت فى الشوارع تظاهرات من نوع استثنائى تطالب بتغيير مناهج العلوم والغاء النظريات التى تعتمد على التجربه والملاحظه والقياس فى تفسير الظواهر الطبيعيه ووضع بدلا منها التفاسير الانجيليه , وبعد الضغط على الحكومه استجاب المحافظين الجدد لمطالبهم ( بل وانحازوا لهم تطبيقا للسياسه العامه ) وتمادوا فى التظاهر مطالبين بانشاء قسم يختص بظواهر ما وراء الطبيعه واقراره كقسم علمى فى مجمع البحوث العلميه ( وهذا ما يتعارض تماما مع اسس وضع النظريات العلميه ) وتعاطف الكثير من المواطنين معهم ووقفوا بجوارهم , مما اثار ضجه بداخل الاوساط العلميه وخرج العلماء على شاشات التلفاز ما بين مندد وصارخ بعدم الامتثال لمثل هذه المطالب وبليت حلوقهم من كثره المناداه بالفارق بين البحث العلمى ودراسه اللاهوت الدينى وان استقلاليه العلوم وابحاثها قد انتهى الخلاف عليها من القرون الوسطى ولا يمكن الخلط بينهما بأى حال من الاحوال .. وفى الجانب الاخر يقف القساوسه وسط المتظاهرين قائلين بأن هولاء العلماء يريدون ان يبعدوا الناس عن الدين ويرغبون فى انعدام الاخلاق ونشر الرذيله فالسماع لهم حرام واتباعهم حرام ... نجحت الحمله نجاحا جزئيا وفاز جورج بوش بمرحله رئاسيه ثانيه وتم حزف بعض النظريات  من مناهج العلوم ولكنهم لم يستطيعوا اضافه القسم الى مجمع البحوث العلميه لمخالفته قانون استقلاليه العلم  ولكن القساوسه ما زالوا يطالبون , فاعترض العالم الفيزيائى بوبى هندرسون بابتكار طريقه فكاهيه توقف هذا المد المتشدد .
ابتكر ديانه اسماها الباستافاريانيه وهى مشتقه من كلمتين باستا ( كلمه ايطاليه معناها المكرونه ) وكلمه مشتقه من راستفاريه , وخرج عام 2005 معلنا ديانته وكتب كتاب اسماه ( وحش الاسباكتى الطائر ) تمت طباعته عام 2006 واعتبر التعبد لطبق من المكرونه وسطه قطعتين من اللحم , وبدأ فى جمع التابعين له ونشر الديانه فى جميع دول العالم مهددا بالتظاهر لاعلانها ديانه رسميه ومطالبا بدراستها بدلا من ماده العلوم ككل حيث وضع بعض التفسيرات والقدارت الخارقه التى يفعلها طبق المكرونه ( مثل تفسيره لارتفاع درجه الحراره بانخفاض عدد القراصنه وهو يعتبر القراصنه كائنات مقدسه وقال بأن العلاقه الطرديه لا تساوى السببيه ) .
الغريب ان ابتكاره نجح فى اخماد ثوره القساوسه وتغير هجومهم على العلماء الى هجوم على الديانه الجديده التى تطالب بالاعتراف بها كديانه رسميه , حتى ان بوبى هندرسون كان يبكى من الضحك وهو يقف مناظرا احد القساوسه فى الديانه الجديده – وكأنه يريد ان يخبرهم يالغباء عقولكم المتحجره التى تحارب العلم والتقدم وتقف امام الحضاره تحت مسمى التدين .

فى اوطاننا العربيه قابلنا مثل هولاء القساوسه فى الازمنه الماضيه وما زالوا يعيشون فى اوساطنا , ولكن دائما يخرج من بيننا عالما يخبرهم بضيق عقولهم على الفاظ النص ويعطى تفسيرا اخر وان الدين طالما لكل زمان ومكان فالخطأ فى تفسير النص وليس النص نفسه  واتذكر هنا فتوى قديمه بتكفير واهدار دم كل من يقول بكرويه الارض التزاما بصريح النص القرآنى فى بعض الايات ولكن خرج الكثير من العلماء بعد اعاده النظر فى التفسيرات القديمه وقالوا بأن الايات القرآنيه لا تتعارض مع حقيقه كرويه الارض بل وجاءوا بدليل من القرآن يثبت ذلك , وهكذا الكثير من القضايا التى تحتاج لاعمال العقل .
الظاهره فى مصر من قبل الثوره كانت سياسيه وفقط لبقاء مبارك – ليس لفتره ثانيه كجورج بوش ولكنها لاخر العمر ومن بعده اولاده واحفاده – وبما أن تقدم مصر العلمى لا يختلف كثيرا عن تقدمها فى احترام حقوق الانسان , فرأينا فتاوى تكفير الخروج على الحاكم (المزور والسارق والقاتل والمغتصب) , ولكن الامر لم يختلف كثيرا بعد الثوره فما زال المد مستمرا بأفكار ما انزل الله بها من سلطان فما زالوا يصدرون فتاوى بعناوين مثيره كـ ( كشف المستور فى تحريم صوتك لحزب الـ ...ور ) و ( الكارهين لدين الله يتجمعون لاطفاء نور الله ) و ( الذى جمع اعضاء حزب الـ ...ور هو كرههم للمشروع الاسلامى ) و ( المعارض لسياسه السيد الرئيس كمن يناطح السماء لانه مؤيد من الله ) وغير ذلك من الفتاوى التى تخرج من الالسنه بدون ضابط شرعى ويتناقلها الناس كحكم واجب الالزام , ويحضرنى هنا قول احد علماء الازهر الشريف بأن الفتوى أصعب من دراسه الطب تحتاج لمناقشات والمام بالكثير من العلوم الدينيه والدنيويه والرجوع لعلماء فى مجالات غير الدين للالمام بحيثيات الامر , وان كان من الطبيعى ان يشخص اى فرد مريض واعطائه العلاج دون الحصول على شهادات علميه تؤهله لذلك , فليفت كل من قرأ كتابا او كتابين لمدرسه او اخرى فى الدين كما يشاء .
اما ما يتناقلونه عن اضافه بعض المواد فى الدستور فحدث ولا حرج ( تحت مسمى التدين ) وقد مللت من تكرارها , فهل يمكننا ان ننظر الى الامام ام نحتاج الى بوبى هندرسون ليعلمنا درسا بإعاده النظر

شارك اصدقائك