22‏/06‏/2013

الفاشية والتقدم



"الفاشية (fascism) كلمة من أصل إيطالى وتعنى حزمة من الصولجانات كانت تحمل أمام الحكام فى روما القديمة دليلا على سلطاتهم .
وفى تسعينات القرن التاسع عشر بدأ استخدامها فى ايطاليا لتشير الى جماعة أو رابطة سياسية تسيطر على السلطة بقوة مسلحة .
ويلخص موسيلينى الفاشية بأن إرادة الشعب ليست الوسيلة للحكم وإنما الوسيلة هى القوة وهى التى تفرض القانون , وتمنح الفاشية السلطة التنفيذية أفضلية كبيرة على حساب السلطات الأخرى .
يأتى الفاشيون الى السلطة – فى أغلب الحلات – على إثر حدوث إنهيار إقتصادى بالبلاد أو هزيمة عسكرية أو كارثة أخرى ويكسب الحزب الفاشى تأييدا شعبيا لما يبذله من وعود بأنه سينعش الإقتصاد وسيسترد كرامة البلاد , وقد يستغل الفاشيون خوف هذه الشعوب من الأقليات ونتيجة لذلك قد يستحوذ الفاشيون على السلطة عن طريق انتخابات سلمية أو عن طريق القوة .
بعد أن يستولى الحزب الفاشى على السلطة يتسلم أعضاؤه الوظائف التنفيذية والقضائية والتشريعية . "
هذه المقدمة مقتبسه من مقال على موقع الويكيبديا ليس الهدف منها محاولة التشبيه بين الوضع الحالى والأنظمة الفاشية لأننا بالفعل نمر بأزهى عصور الفاشية , وإنما هى تأصيل وتعريف للمصطلح , وبمراجعة التاريخ سنرى أنه لا فاشية تصمد لأنها قائمة إما على فرد واحد أو عقيدة واحدة أو فكرة واحدة مع إقصاء البقية .
فقد إنتهت فكرة الدولة القائمة على توحيد المنهج وصناعة مسوخ بشرية تدور فى السلسلة اللا منتهية من مجتمع متشابه , ليس لأن ما أقوله صواب وهم ما يفعلونه خطأ , أو لأننى ملك الحقيقة , ولكن لأنهم يعارضون التطور بل ويتصادمون معه , ولن يكون أمامهم إلا الإنقراض والإنسحاق تحت عجلات قطارالتقدم , أو الإنحلال من قيود التشبث بالماضى والسعى للعودة اليه , ليس فقط لفساد الماضى أو وهم الحضارة القائمة على الدم , وإنما لأن كفة الميزان مرجحة لإتجاه المستقبل .
المستقبل يرفض التعصبات الوهمية ولا يقبل إلا بفكرة واحدة وهى : ماذا ستقدم للبشرية ؟
الإجابة على هذا السؤال لا تعتمد على إجابات أسئلة مسبقة من نوعية : ما بلدك ؟ ما دينك ؟ ما لونك ؟ ما جنسك ؟ , فقط إنجازات واقعية بتقدم ملحوظ وملموس .. إكتشاف التسلسل الجينى لدنا الإنسان , واستخراج جين مسؤول عن مرض معين والسعى لإستئصال مثل ذلك الجين قبل الإصابة بالمرض هو إنجاز , واكتشاف التيلومير (على أطراف الكروموسوم) الذى يقصر فتشيخ الخلية هو إنجاز , صعود روبوت الى سطح المريخ لإستكشافه ومدنا بالمعلومات عن هذا الكوكب هو إنجاز , السعى للتطور التكنولوجى الذى يتسارع بطريقة مزهلة ى فترات وجيزه هو إنجاز .. اليوم بلمسة واحدة تستطيع أن تعرف ما يدور فى العالم أجمع وأتذكر منذ سنوات قليلة كانت تكنولوجيا المحمول لم تكن تتعدى استقبال المكالمات المشوشة .
تلك هى الإنجازات التى يمكن أن نتحدث عنها , يجب أن نصل الى مرحلة من الإستقرار النفسى التى مكنت العلماء من التوصل لصناعة خلايا من مواد غير عضوية أو الوصول لأبحاث الخلايا الجذعية سواء بالتحفيز التقدمى لصناعة خلايا نسيج معين أو التحفيز العكسى لخلية عادية حتى تعود لخلية جذعية .
هذا الإستقرار النفسى لن يتحقق إلا بديمقراطية حقيقية , والديمقراطية لا تعنى الصندوق وإنما تعنى النظام الديمقراطى بداية من الحريات العامة والحريات الفردية وحمايتها وفرض الأمن لصونها مع الفصل بين المؤسسات وعدم تدخل احداها فى شئون الأخرى وتساوى الجميع أمام القانون , الى حرية العلم والبحث العلمى وحرية الفكر والإبداع حتى نصل الى الصندوق مع ضمان نزاهته .. تلك هى الديمقراطية التى تتحقق بحكم الشعب بالشعب مع ضمان الإستقلالية الفردية حتى لا تتحول لديكتاتورية أغلبية .
لن نتقدم إلا بالخروج من تابوهات الماضى والنظر الى المستقبل , لن نتقدم طالما العنصرية هى ما نتربى عليه فى مدارسنا وبيوتنا ودور عبادتنا , لن نتقدم طالما ظن البعض أن الأغلبية – الصندوقية أو الدينية أو الفكرية – من حقها الهيمنة وفرض ايديلوجيتها المنغلقة التى تحكم بصواب قولها وفقط , لن نتقدم إلا بنظام ديمقراطى حقيقى يلبه آليات حقيقية لتطوير التعليم والبحث العلمى مع نظام اقتصادى يقوم على تكافؤ الفرص .


شارك اصدقائك