29‏/03‏/2014

(س) و (ص)


وبعد سقوط الرئيس (م) بحشود لم يسبق لها مثيل
, ظهر أمام العامة أن من ساندهم ووقف بجوارهم ولم يخلف توقعاتهم هو (س) مجده البعض
وألهه اخرين , إلا أن أنصار (م) لم يكفوا عن إدعاء شرعيتهم المزعومة وملئوا الأرض
حرقا وقتلا ووعيدا , ولم ينسوا أن يغرقوا الحوائط بكتاباتهم ( س خاين ) .. العامه
لم يفهموا كلمة خائن حتى أنهم سألوا ( هو خان مين ؟) فكانت الإجابة ( خان الرئيس م
) ففرحوا لأنها كانت رغبتهم , وكلما قرأوا (س خاين ) ازداد حبهم له وولعهم به .

لم ينس العامه أن هناك شخص آخر (ص) على
الساحة , كثير منهم عرفه عن طريق أنصار (م) وهم يغيرون حرف (د) فى اسمه الاول الى
(ض) . معروفين بعشقهم لحرف (ض) ..


وبدأت المعركة ..


(س) و (ص) كل منهم يحاول الوصول الى المقعد
المنشود , الوردة المحاطة بالشوك ما ان اقتحمها وتحمل الالام والصعاب من أجل
الوصول الى عطرها وجدها ذابلة لا ريح لها .. وبالرغم من إصرار البعض ان النتيجة
محسومة قبل بداية اللعبة الا ان (ص) أظهر قوة وجرأة وصلابة وتحمل للصعاب حتى وصل
أولا .. جلس على المقعد الوثير , شعر بطراوته ولينه , نظر من شرفة قصره ليرى من
اسفله كتل اللحم المتعرقة والمتشابكة فى جو خانق داخل اتوبيس السابعة صباحا ,
مثلها فى محطات المترو , واخرى فى الميادين تسير هائمة كأنها بلا وجهة أو مقصد .
نادى على وزراءه وحراسه وقال لهم : أنا هنا بفضل هولاء , أرونى ما تقدرون على فعله
.. حسنوا الطرق , وأكثروا من الأتوبيسات , وابدأوا فى بناء خطوط جديدة لمترو
الأنفاق , وسعوا خطوط انتشار الرقعة السكنية .. أجابوه : ليس الأمر هكذا ياسيادة
الرئيس , لابد أن تناقش الحكومة كل هذا حتى يصلوا الى الميزانية والتى نشك أنها
تكفى لشيئ مما قلت , وبعده ذلك إقرارها من البرلمان . فقال (ص) : يبدوا أنى نسيت
لوهلة مقومات الدولة الحديثة .. خرج (ص) ليزيح عن صدره ضيق التفكير فرأى من أسفل
قصره تلك العشش المتراصة عشوائيا كالبذور الملقاة عبثا فتنتج زرعا عبثا , اغتصاب
وسرقة وتجارة سلاح ومخدرات كأنه كوكب منعزل ينتج سرطانا متزايدا ينهش فى عظام الجسد
بلا توقف , ولا سبيل . وتلك الثلة المتبقية من أنصار (م) ما زالوا يمارسون
قناعاتهم فى الحرق والتفجيرات , وتطور بهم الأمر ليضيفوا على قائمة اغتيالاتهم كل
من تحدث عنهم بسوء .. رفع (ص) رأسه بعيدا الى الجنوب ليجد أناس ليسوا ممن يمكن
النقاش معهم بتلك الكلمات الأكاديمية , ولكنهم لا يطلبون شيئا .. الى الجنوب
البعيد رآهم لا يعرفون بوجوده  , والى
الشرق فى الصحراء كان المأوى للتدريبات العسكرية لمجموعة من أنصار (م) .. توالت
الأيام ولم يفعل (ص) شيئا .. خرج البعض يطالبه بتحسين الأحوال فقرر مصارحتهم بعدم
استطاعته .. لم يتحمل العامه الفشل الجلى أيام حكم  (م) ولم يتقبلوا فرض فاشيته الدينية , وكذلك
الأمر مع (ص) كل ما يرغبونه هو ان يتذوقوا طعم اللحم .. حشود كتلك التى خرجت ضد
(م) مطالبين بسقوطه , وشارك أنصار (م) بطريقتهم , وأهالى العشوائيات بطريقتهم ,
حتى تدخلت المؤسسة العسكرية فى اللحظة الفاصلة وأعلنت عزل (ص) وتجميد الدستور
وإعلان الاحكام العرفية وسيطرتهم على مقاليد الحكم ..... لحين إشعار آخر .



****************


طالما حدث الانفجار الكبير فى لحظة ما , وتشكلت
النجوم والكواكب والمجرات بشكل ما , وتتابع التطور على كوكبنا بشكل ما , وحدثت
الأمور بشكل ما , فما حدث هو احتمال من احتمالات اخرى قد تكون حدثت فى عوالم اخرى
, عوالم كفقاعات متجاوره بعدد لا نهائى , هناك أرض تشبهنا تحدث فيها الأمور بإحتمالات
أخرى ....


****************



فى عالم موازى فاز فى السباق (س) , هو من وصل وجلس أولا ,
تربع على العرش الوثير بعد أن استبدلوا بطانته باخرى أكثر أريحية , بدأت الأمور
تسير بخطى ثابتة , تحركت القوى والعتاد فى مواجهة كل من يحمل السلاح , شهور وتطهرت
الأرض , لحظة انتظرها العامة لشهور طوال , لم يشغلهم من قطع لسانه أو فقد القدرة
على الكلام , فرحوا بإنتهاء الجدل والصخب , وانتظروا ان يفيض النهر بما حلموا به
زمنا , فلم يجدوا من الفخامة الا خواءا , خرجوا ليطلبوا تذوق اللحم فاكتشفوا ان
للحم سعرا , توحشت الجموع وزاد هياجهم , لم يعتادوا ان يدفعوا فى مقابل اللحم ,
فكل من وعدهم بشيئ كان يقول لهم : سآخذ من الأغنياء لأعطيكم , وهذا أعطاهم الأمل
فى العلو وكرها لمن علا .. اجتمعوا وعاثوا فى الشوارع , احتشدوا عن بكرة أبيهم ,
حتى تدخلت المؤسسة العسكرية فى اللحظة الفاصلة وأعلنت عزل (س) وتجميد الدستور
وإعلان الاحكام العرفية وسيطرتهم على مقاليد الحكم ..... لحين إشعار آخر .


************


فى عالم موازى لم تنجح الحشود فى عزل (م) وصارت طريقتهم
اسلوب الحياة العامة , بعد أن قتلوا كل من كان يعارضهم .. صارت الشوارع والبيوت
واشكال الناس وملابسهم كمن خرجوا من عبق تاريخ القرون الوسطى , تمر على ميدان كذا
به شخص يصلب , ومبدان كذا به شخص يجلد , وميدان كذا به شخص تقطع اطرافه , وميدان
كذا به قطع الرؤوس .


***********


فى عالم موازى اتضح ان (س) من أنصار (م) وأحد قياداتهم
السرية .


***********


فى عالم موازى نجح (ص) فى الحكم , واستمر لفترتين
متتاليتين , وترسخت قواعد الدولة المدنية الحديثة .


**********


فى عالم موازى نجح (س) فى الحكم , ورفض أن يترشح لفترة
أخرى بعد أن أرسى قواعد الدولة المدنية الحديثة , وكانت فترة حكمه كافية لخلق
متنافسين مدنيين .


*********

فى عالم موازى كانت لغتى الأم الإنجليزية واعيش فى احدى
تلك الدول المسالمة التى لا تنشغل سوى بالعلم والفنون ولم أكتب شيئا مما سبق , لأنى
ببساطة لا أعلم عن (س) أو (ص) أو حتى (م) ولا الأرض التى يسكنوها شيئا .




(ثرثرة خيالية لا تمت للواقع بصلة )

22‏/06‏/2013

الفاشية والتقدم



"الفاشية (fascism) كلمة من أصل إيطالى وتعنى حزمة من الصولجانات كانت تحمل أمام الحكام فى روما القديمة دليلا على سلطاتهم .
وفى تسعينات القرن التاسع عشر بدأ استخدامها فى ايطاليا لتشير الى جماعة أو رابطة سياسية تسيطر على السلطة بقوة مسلحة .
ويلخص موسيلينى الفاشية بأن إرادة الشعب ليست الوسيلة للحكم وإنما الوسيلة هى القوة وهى التى تفرض القانون , وتمنح الفاشية السلطة التنفيذية أفضلية كبيرة على حساب السلطات الأخرى .
يأتى الفاشيون الى السلطة – فى أغلب الحلات – على إثر حدوث إنهيار إقتصادى بالبلاد أو هزيمة عسكرية أو كارثة أخرى ويكسب الحزب الفاشى تأييدا شعبيا لما يبذله من وعود بأنه سينعش الإقتصاد وسيسترد كرامة البلاد , وقد يستغل الفاشيون خوف هذه الشعوب من الأقليات ونتيجة لذلك قد يستحوذ الفاشيون على السلطة عن طريق انتخابات سلمية أو عن طريق القوة .
بعد أن يستولى الحزب الفاشى على السلطة يتسلم أعضاؤه الوظائف التنفيذية والقضائية والتشريعية . "
هذه المقدمة مقتبسه من مقال على موقع الويكيبديا ليس الهدف منها محاولة التشبيه بين الوضع الحالى والأنظمة الفاشية لأننا بالفعل نمر بأزهى عصور الفاشية , وإنما هى تأصيل وتعريف للمصطلح , وبمراجعة التاريخ سنرى أنه لا فاشية تصمد لأنها قائمة إما على فرد واحد أو عقيدة واحدة أو فكرة واحدة مع إقصاء البقية .
فقد إنتهت فكرة الدولة القائمة على توحيد المنهج وصناعة مسوخ بشرية تدور فى السلسلة اللا منتهية من مجتمع متشابه , ليس لأن ما أقوله صواب وهم ما يفعلونه خطأ , أو لأننى ملك الحقيقة , ولكن لأنهم يعارضون التطور بل ويتصادمون معه , ولن يكون أمامهم إلا الإنقراض والإنسحاق تحت عجلات قطارالتقدم , أو الإنحلال من قيود التشبث بالماضى والسعى للعودة اليه , ليس فقط لفساد الماضى أو وهم الحضارة القائمة على الدم , وإنما لأن كفة الميزان مرجحة لإتجاه المستقبل .
المستقبل يرفض التعصبات الوهمية ولا يقبل إلا بفكرة واحدة وهى : ماذا ستقدم للبشرية ؟
الإجابة على هذا السؤال لا تعتمد على إجابات أسئلة مسبقة من نوعية : ما بلدك ؟ ما دينك ؟ ما لونك ؟ ما جنسك ؟ , فقط إنجازات واقعية بتقدم ملحوظ وملموس .. إكتشاف التسلسل الجينى لدنا الإنسان , واستخراج جين مسؤول عن مرض معين والسعى لإستئصال مثل ذلك الجين قبل الإصابة بالمرض هو إنجاز , واكتشاف التيلومير (على أطراف الكروموسوم) الذى يقصر فتشيخ الخلية هو إنجاز , صعود روبوت الى سطح المريخ لإستكشافه ومدنا بالمعلومات عن هذا الكوكب هو إنجاز , السعى للتطور التكنولوجى الذى يتسارع بطريقة مزهلة ى فترات وجيزه هو إنجاز .. اليوم بلمسة واحدة تستطيع أن تعرف ما يدور فى العالم أجمع وأتذكر منذ سنوات قليلة كانت تكنولوجيا المحمول لم تكن تتعدى استقبال المكالمات المشوشة .
تلك هى الإنجازات التى يمكن أن نتحدث عنها , يجب أن نصل الى مرحلة من الإستقرار النفسى التى مكنت العلماء من التوصل لصناعة خلايا من مواد غير عضوية أو الوصول لأبحاث الخلايا الجذعية سواء بالتحفيز التقدمى لصناعة خلايا نسيج معين أو التحفيز العكسى لخلية عادية حتى تعود لخلية جذعية .
هذا الإستقرار النفسى لن يتحقق إلا بديمقراطية حقيقية , والديمقراطية لا تعنى الصندوق وإنما تعنى النظام الديمقراطى بداية من الحريات العامة والحريات الفردية وحمايتها وفرض الأمن لصونها مع الفصل بين المؤسسات وعدم تدخل احداها فى شئون الأخرى وتساوى الجميع أمام القانون , الى حرية العلم والبحث العلمى وحرية الفكر والإبداع حتى نصل الى الصندوق مع ضمان نزاهته .. تلك هى الديمقراطية التى تتحقق بحكم الشعب بالشعب مع ضمان الإستقلالية الفردية حتى لا تتحول لديكتاتورية أغلبية .
لن نتقدم إلا بالخروج من تابوهات الماضى والنظر الى المستقبل , لن نتقدم طالما العنصرية هى ما نتربى عليه فى مدارسنا وبيوتنا ودور عبادتنا , لن نتقدم طالما ظن البعض أن الأغلبية – الصندوقية أو الدينية أو الفكرية – من حقها الهيمنة وفرض ايديلوجيتها المنغلقة التى تحكم بصواب قولها وفقط , لن نتقدم إلا بنظام ديمقراطى حقيقى يلبه آليات حقيقية لتطوير التعليم والبحث العلمى مع نظام اقتصادى يقوم على تكافؤ الفرص .


22‏/05‏/2013

مضطهدة أنا

دمعت عيناها وهى تنظر الى السماء , لا ترى الا لآلئ تشع بضوء خافت كشموع وسط صحراء فى ليل بهيم وقالت : لماذا أنا الضعيفه ؟ لماذا أسير وسط القطيع ؟ أفعل ما يفعلون ,أنتظر الزوج مثلهم , وبعده أنشغل بتربية الأطفال وتحضير الطعام والإعداد لليلة حمراء .. ها أنذا أغضب على الجميع ولا أتلقى سوى الإهانات , أين العدل ؟ أم أن العدل لا يسرى سوى على الذكور من بنى جنس البشر ؟ أترانى إن كنت حيوانة هل كنت سأتلقى نفس الظلم ؟ هل فى جنس البقر أو حتى الكلاب يهين الذكر الأنثى ؟ لا أظن وان كان فأعتقد أنهم يقلدون البشر ينظرون الينا نظرة العبد لسيده ويحاولون تقليدنا فى الخفاء , لا يقدرون على الفعل أمامنا وإلا عوقبوا بجريمة التقليد !!
الخفاء .. تلك الكلمة التى أصبحت شيمة بلدتنا , كل شيئ يسير فى الخفاء , وطالما فى خفاء كل شيئ سيظل بخير , فنحن نحب الستر ونرغب فى الغطاء , وإن أحببنا فعلينا أن نكتم الحب فى خفاء , وإن عشقنا فالبوح جريمة شنعاء , صار الخفاء أسلوب حياة , تسترق القبلات فى خفاء والأحضان فى خفاء , ثم إن رآنا أحد غضب وأختنق وجهه ليس لشيئ سوى قصور يديه عن الفعل مثلنا أو أننا اخترقنا حاجز الخفاء بالنسبة له , الجميع يرغب فى ألا يرى , يعيش فى قوقعة ضيقة مرصعة بالمرايا كى لا يرى إلا نفسه .. نحن فى بلدة الخفاء نتصارع على التفنن فيه , وقد تبدو الجملة غريبة بعض الشيئ , ولكن فى الحقيقة هو أمر تفوق فيه النساء , فالذكر أحيانا يبوح بخفايا خارج الصندوق , أما الأنثى فالجميع يتربص بها حتى نفسها , تنظر الى نفسها كترس فى عجلة الحياة التى يقودها ويجلدها الذكر , هو يحب أما هى فلا شيئ لها سوى الموافقة والإنتظار , أو تحب فى الخفاء .. ألم أقل لك إننا فى بلدة الخفاء , لا أحد يرى أحد ونسير وفق أهواء الجدود أو الجدود المستوردين ..
لا شيئ جديد , لا شيئ طبيعى , كلها خيالات , حتى هذه النجوم قد تكون خيالات , ولكن الحقيقة أننى واقفة أنظر اليها منتظرة جواب على سؤال : إن كنت هنا ولدت من ذكر وأنثى فلماذا أنا مضطهده ؟؟


15‏/04‏/2013

المستوصف الذى دخلة الإسلام



المستوصف : هو مستشفى صغير للإستشارات الطبية وعلاج الطوارئ .
الأصل استوصف يستوصف استيصافا فهو مستوصف , أستوصف الطبيب لدائه : أى سأله أن يصف له ما يتعالج أو يتداوى به .
منذ أن بدأت سنة الإمتياز ولا يدور حديث بين زميلين ويخلو من ذكر المستوصفات والـ ( private ) , هذا يبحث , وهذا يعمل , وهذا يفتخر بحصوله على ضعف السعر الثابت فيزيد رابته .. الجميع يبحث عن الأرباح دائما .
بغض النظر عن كون سنة الإمتياز للتدريب وليس للعمل , ولكن فى ظل الراتب المتدنى الذى يتلقاه الطبيب ( 289 جنيها شهريا ) ومتطلباته الفردية التى تبدأ بالسكن الذى لا يقل إيجارة عن 200 جنيها للفرد , مع وجبة عشاء خفيفة (اعتمادا على وجبة الغداء المقدمة مجانا من المستشفى ) وقليلا من المواصلات , فربما يكفيك الراتب لفترة لا تزيد عن أسبوعا وبالتالى لابد من كسر الإفتراضيات والبحث عن عمل .
وفقت ووجدت عملا فى مستوصف يسمى ( مركز العزيز باله الطبى ) فى اليوم الأول والذى كان معدا للإفتتاح وسيكون الكشف مجانا , ذهبت وكنت متوقعا أن يكون المكان فى إفتتاحه الأول يبرق لمعانا , ولكنى وجدت مبنى قديما بدهانات متساقطة وأتربة متراكمة , وبلاطا متكسرا , وأدوات صدئة , وكراسى محطمة , ومكاتب متآكلة , وحماما لا يليق بالإستخدام الحيوانى ( أعزرونى إن كنت عنصريا فى هذه الجملة ضد الحيوانات ) .
توقفت للحظة .. كيف يكون الإفتتاح لهذه الأطلال ؟ هل هو إفتتاح لمكتب أثرى من بقايا الحرب ؟ أم مركزا طبيا لعصور ما قبل محاربة العدوى ؟ .. كان لابد من قبول العمل ولكنى عقدت العزم على البحث خلف هذا المكان المريب .
ومع نهاية اليوم الأول عرفت أن هذا المكان فى الماضى كان يسمى ( مركز الدكتور *** الطبى ) .. صاحب هذا المركز والذى كان يدعى الدكتور *** لم أقابله الى الآن , علمت أنه طبيب صيدلى ( لا تتعجب من كون صيدلى يملك مركزا طبيا بإسمه ) أشتهر هذا الطبيب وسط الأهالى بالسرقة والإتجار فى الأدوية المخدرة الممنوع تداولها , حتى وصل به الحال الى بيع الأقراص منتهية الصلاحية بعد مسح تاريخ الإنتهاء بالأسيتون وقص الجزء الأخير البارز من الشريط .
أشتدت العداوات بين أهالى المنطقة وهذا الصيدلى , انتهت بالحادثة التى رجت المكان .. تم الإمساك بطبيب ( إمتياز ) كان يعمل فى المركز فى شقة أحد الأه\حالى بدون ملابسه الداخلية ومع صاحبة المنزل , هذه الحادثة أجبرت الصيدلى على عدم الإقتراب من المنطقة تماما , ليس فقط من شبهة العرض المزعومة ولكن أيضا متهربا من الأموال المدان بها ومن البلطجية الذين أتعبتهم الأقراص منتهية الصلاحية وقد إكتشفوا ذلك , وتم إغلاق المستوصف .
هنا كان لابد من وجود حل لإنتشار نفسه من الغرق فقد أحاطته الشبهات من جميع الأركان , ولم يجد أمامة سوى إعطاء الأمر صبغة دينية, فالسارق إذا أطال لحيته ( فى أوطاننا ) أصبح داعيا تتهافت عليه الكاميرات .
إتفق مع صديق ملتحى ليدير له المكان , فكان الإقتراح الجهنمى المثالى بتغيير الإسم من ( مركز الدكتور *** الطبى ) الى ( مركز العزيز بالله الطبى ) .. تهليل .. تكبير .. لقد دخل الإسلام (مركز الدمتور *** الطبى ) , وبعد إغلاق دام لأكثر من شهرين , تم إفتتاح المركز على آيات الذكر الحكيم , وراحت اللحى تحيط بالمكان تهنئ وتبارك وكأنهم يقومون بأدوارهم فى مسرحية الفتح الإسلامى .
تعجبت من تصديق الكثير لهذه الخدعة , ولكن يبدوا أنها خدعة العصر الكبرى , ليست كذبة إبريل لهذا العام , ولكن العام أصبح كله كذبة إبريل , يمثلون , يتقنون التمثيل , يصبغون الحديث بمسحة إسلامية , مع قليل من اللعب على الطائفية , ترى الشبهات انقشعت .. غط نفسك بجلباب القدسية , هاجم الجميع , تحدث بهدوء ودموع , ابتسم حين يستدعى الأمر , أجتذب الجميع بالخرافات , سترى الجميع يظنون بك رجل الدين الأول والأوحد .. لا مانع أن تتحدث فى الطب أو الفلك , لا مانع أن تتحدث فى الإقتصاد , ولكن لا تنسى الصبغة الدينية فى قولك .
وكما بدأت بتعريف كلمة مستوصف , فهناك كلمة أخرى أود أن أشرحها قبل إستكمال الكلمات .. إنها كلمة ( كول call) أى الإستدعاء , تطلق على جهاز فى المستشفى تقوم أولا بالإتصال بالسويتش وتطلب إستدعاء طبيب فى تخصص معين ليتم التعامل مع الحالة أو التشخيص الصحيح , ويستخدم أيضا فى إستدعاء الأمن أو التمريض إلى غير ذلك , فهو كوسيلة إتصال سريعة حيث يقوم عامل السويتش بالنداء عبر السماعات المتناثرة فى أركان المستشفى , ما إن يسمع الطبيب النداء يذهب الى الوجهة المراد الوصول اليها .. جهاز الـ ( كول call) مخصص لذلك وإمكانياته لا تتعدى النداء بجملة صوتية رخيمة من عامل السويتش .
فوجئت ببث الآذان عبر سماعات الـ ( كول call) , والمفاجأة الكبرى كانت الفرحة فى عيون البعض وهم يرددون ( لم نكن نستطع فعل ذلك إلا فى عهد الرئيس حافظ القرآن ) ويبدو أن الإسلام دخل المستشفى أيضا , إلا انى حين قلت لهم بأن هذه السماعات لن تحتمل البث الإذاعى بهذا الشكل لأى شئ سواء الآذان أو غيرة , أحاطونى بنظرات مستنكرة , إلا أن الأمر أستمر ليومين فقط وتعطل جهاز الـ ( كول call) .
مشاجرات لا تنتهى فى مستشفى الطوارئ والأستقبال بسبب صعوبة الإتصال بالأقسام , وعدم سرعة حضور الطبيب المختص .. الأهالى لا يصبرون ومعهم كامل الحق , وإدارة المستشفى بدون تخطيط فعلت ما يستدعى العقاب بإفساد وسيلة الإتصال المتاحة وتعطيل العمل تحت حجة عاطفية أو صبغة دينية تزيل صبغات أموال الصناديق الخاصة , فإن فعلت عن علم فهو قبح وإن فعلت عن جهل فهو الأقبح .. ما يقرب من أسبوع بدون جهاز الـ (كول call ) الى الآن , ولا سعى لصيانة أو إعتذار .. والحياة تسير .
فهل علينا دوما أن نصدق كل من يدغدغ مشاعرنا ويلهب عواطفنا بشعارات أو أفعال أو أقوال لا علاقة لها بالحسابات الواقعية الملموسة ؟

01‏/04‏/2013

من " الحب تحت المطر " الى " خارطة الحب "



فى تلك الليلة حين سألنى صديق وسط كثير من المزاح : هل أنت تقرأ مثلهم تلك الكتب التى تلوث الأفكار ؟ أيقظ ذلك السؤال ينبوع من الماضى كان قد إنطفأ منذ أمد لم أشعر للحظة أنه قد يعود , بكل هدوء أجبته بـ لا وأنا حزين , لم أعلم حينها لماذا ؟ هل لأن هناك من يتميز عنى ولو بقراءة الكتب التى تلوث الأفكار على حد قول صديقى , أم أنا حزين لأنى لم أع ما يقصد بالكتب التى تلوث الأفكار ؟ وكيف تلوثها ؟ .. مكثت لأيام أفكر فى شيئ مجهول لا أستطيع تحديد ملامح له , قادنى الحظ أن أكون قريبا من شخص رشح لى رواية " خارطة الحب " , تلك الرواية التى لم أدفع ثمنا لها سوى خمسة جنيهات , هل تستحق حقا الخمس جنيهات ؟ جلست طيلة اليوم أنظر الى الغلاف ولا أحاول حتى تصفحها من الداخل , تذكرت أول رواية قرأتها فى حياتى , كنت حينها فى الصف الأول الإعدادى , كان لم يزد عقلى حينها معرفة سوى بالقص المصورة وقصص الأنبياء للأطفال , وكثير من القصص التى لم أشعر للحظة ل بالإثارة ولا بالفضول كى أكملها , كلها لا تزيد على البطل الشجاع الذى كان يسمع الكلام صغيرا فتجنب الأذى كبيرا , وأصبح كما كان يرغبه أبوه ( صورة طبق الأصل من الأب مع حزف الأخطاء الخفية ) , كنت أشعر بسذاجة الكاتب وحماقة من يصدقها , حتى أربكنى نص منمق يشعرك دائما بالفضول مع كل سطر , تريد أن تعرف ما سيحدث , إثارة وخيال , ترتسم الشوارع والأحداث بالكلمات , إنها رواية " الحب تحت المطر " للروائى العظيم نجيب محفوظ .. كنت عائدا من مكتب تحفيظ القرآن ووجدت بيتا منهارا وأطفالا كثر تدخل تحمل الكثير من الكتب وتخرج , ويتهامسون بإنبهار كيف سيحصلون على الكثير من المال عندما يبيعونها ( بالكيلو ) فهذه الكتب وزنها ثقيلا , دخلت بدافع الفضول ومن وسط الحطام انتشلت تلك الوريقات المجمعة وخبأتها فى ملابسى كسارق محترف وعدت للبيت خائفا من العقاب على أخذ ما ليس لى متلذذا بفعل الممنوع , ولكن فى الحقيقة هى ليست لأحد فقد استباح الجيران وأطفالهم حرمات بيت لم أعرف صاحبه , وفى نفس الوقت أحببت أن أقرأ من كتب الكبار التى طالما أوجعوا رؤوسنا بها نحن الصغار , وعندما قرأت إسم الكاتب فرحت , لا لشيئ إلا أننى كنت قد درست عنه فى المدرسة وقرأت بعضا عن حياته , كان عظيما بحق , فقد حصل على جائزة نوبل فى الأدب , ما الأدب ؟ لم أكن أعلم حينها , هل كان مؤدبا يسمع الكلام ؟ كان هناك أحد المدرسين الأفاضل من ضمن من كانوا يزرعون أفكارا فى عقولنا بحق أو بغير حق , كان يقول نجيب محفوظ قليل الأدب لذلك أخذ نوبل فى الأدب , أما مدرس التربية الدينية , وبما أنى كنت أزهريا فكان لابد من الصغر بالإهتمام بالتربية الدينية تلقينا وتحفيظا والأستماع جيدا بما يقوله المدرس الذى بات فى ذهنى حينها أنه لا يخطئ , فى تلك الحصة كان يشرح رحلة الهجرة من مكة الى المدينة وقال ان الغار الذى أختبأ فيه النبى محمد وصاحبه أبا بكر كان على نخلة .. نعم قال ذلك , وأن الثعبان حاول أن يلدغ النبى فوق النخلة ولكنه أخطأ .
هذا الرجل سألته عن نجيب محفوظ فقال بكل ثقة إنه كاتب كافر لا يعنيه الدين فى شيئ , يلوث الأفكا ويؤيد الغرب الكافر , حين عدت منزلى فى ذلك اليوم حكيت لوالدى قصة الغار فعرفت كيف يكذب الجاهل , وفى اليوم التالى وبخه أبى أشد توبيخ , عمدت قراءة الرواية الى آخرها , كنت أخبئها كى لا يراها أحد حتى رآها معى عمى , أشتد غيظه وحنقه وثار ثورة لا أعلم لماذا , وحينها قال لى أبى أن مثل تلك الروايات للكبار وعلى أن أنتظر حتى أكبر لأقرأها , وعندما كبرت لم أقرأ كتب الكبار ولا كتب الصغار , حتى كانت " خارطة الحب " للرائة أهداف سويف , هذه الرواية قلبت فى ذهنى العشق والوله , الإصرار والوطنية والسياسة , كنت أقرؤها وأشعر بأنها تنطق ما تعلق بأطراف لسانى , تحركت يدى وقررت أن أكتب , لا أعلم كيف ولكن القراءة فجرت بداخلى أحاسيس كثيرة وبراكين من الأفكار تتزاحم بقلبى حتى أنها لا تعرف الخروج , أحببت القراءة بشره , صرت لا أستطيع الكف عنها , أو حتى أتجاهلها , تحطمت أصنام المسلمات واحدة تلو الأخرى , حين وجدت الإجابة على تساؤلات كانت تؤرقنى , كنت كالأرض الجافة فى شربها للماء , كذلك أصنامى تحطمت .
شكرا لهذا الصديق الذى رشح لى " خارطة الحب " , وما زلت على عهدى به إن كان لى كتاب سيكون الإهداء له .

13‏/03‏/2013

ترنيمة تتغنى


ايتها المرأة , ياترنيمة الوجود , يا أصل الحياة , ياسلطان الكون الذى دار عليه الزمان , أيتها المرأة التى تناست ماضيها وسكنت لحاضرها , وتركت للجنس الفضولى أن يسيطر عليها , يامن تخلت عن سلطتها لوليدها الذكر ليعيد كتابة التاريخ ويغير القواعد الأساسية , وشيئا فشيئا أصبح كل شئ كأن لم يكن وانتفضت الطفرة حتى أصبحت سيدة أصلها , وتغلب الصغيرر على أمه , كانت الطفرة شرا فقتلها بعد أن أنجب منها , وانتزع الملك عنوة , وخط بالقلم سطور التأريخ أنه هو أصل الوجود وأن امه لم تكن سوى جزء من جسده , بدأ بفرض الهيمنة مستخدما زراعيه القويتين , وخط القواعد ورسم الطرق , فأصبح هو كل شيئ وهى لا شيئ , هو القوة والمال وهى الضعف والإحتياج , هو السلطة وهى المحكوم , هو من يرسم الطريق لتسير هى عليه , راح يغلفها بتوابيت فوق توابيت , ويضع الأقفال واحدا تلو الآخر لا مناص من إحتقارها وخضوعها إن أطاعت أثابها وإن عصت عنفها وإن تمردت قتلها , باتت جسدا وفقط .. أصبح هو لا يراها إلا ذلك , قنن وجودها بالجنس , وأحكم قبضته عليها بالنقص .
حين خرجت من كنفها حطمت القيود , ثارت , وأعلنت العصيان , لا جنس بعد اليوم .. لا جسد .. لا شهوة , حتى وجد هو لا مناص أمامها سوى الركوع , رفعت يدها وربتت على كتفه وقالت فى هدوء : أنت أنا وأنا أنت , ترانى جسدا وأراك جسدا , ترانى جسدا وأراك عقلا .. لماذا ؟؟ أتظننى بلا عقل , أنسيت من أتى بك ؟ هل صدقت حقا هذا الأقاويل الغبية التى تدعى أنك أنت الأصل وما أنا إلا جزء منك ؟؟ يالبلاهتك وحماقتك .. تناقلتم الكذبة حتى أصبحت أشهر من الحقيقة , روجتوها بينكم وظننتم أن أيديكم القوية هى كل شيئ , وأننا طالما بلا أيدى فلا شيئ , قد أسامحك إن عدت إلى الماضى السحيق وسألت جدك من أكون , فإن صدقك القول فسترى منى العفو والغفران .
عاد إليها الأمر , تتحدث بطبيعتها , فدماء السلطنة ما زالت تسرى بعروقها , تقف شامخة بلا إنحناء أو ميل .. سمع منها القول وخرج , لم يحاول أن يتحمل عناء البحث أو السؤال , دار حول المكان وترنح يمينا ويسارا وأخذ يلهو بأصابعه مفكرا : ماذا أفعل ؟ هل حقا على أن أتنازل فأعيدها مكانتها الأولى فوق كل شيئ , أو حتى أساومها فأساوى بينى وبينها .. لا وألف لا , فما فعلته أسلافى طيلة هذه السنون لن أضيعه بلحظة ضعف , ولكن ما بيدى حيلة .. إنها حقا ملكة وسلطانة .. ة ة ة تاء حتى هذه نحن من وضعناها , إسمها وكلامها , نحن من صنعناها , آه ياجدى ماذا أفعل ؟؟
سار بعيدا فى طريق تغطيه الأشجار من الجانبين حتى أختفى عن مرمى الأبصار وعاد , دخل عليها وانكب على وجهه متوسلا طالبا الصفح , نظرت اليه فى تعجب فرفع وجهه بين ركبتيها وقال : يامليكة الزمان يا أصل الحيوات , يا من كنالا شيئ سواك .
ابتسمت وجذبته اليها , بغتته بقبلة وانفرجت أساريرها , فغابا فى قبلات جائعة , ضمته اليها وتحسست جسده العارى , فاقترب منها يتفقد خرائطها , تقلبا وتقلبا , حتى انبعث عطر الكون منهما , واشتد الوطيس فى معركة الإلتحام , تأوهت , وذابت بين يديه , تقلصت ذراعيه , اعتصرها بينهما , حتى كان عاليها فهوى على وجهها بصفعة وعاد كل شيئ كأن لم يكن .
فى بلد البنات كل البنات
مليا جيوبها سكر نبات 
فى بلد البنات كل البنات ماشيه
وظابطه فى ايدها الساعات
وقبل ما تقفل بيبان البيوت 
وقبل ما ينزل ظلام الحارات
فى بلد البنات بتجرى تروح
لما بتضحك بترقص قلوب
لما تغنى تأخدها الآهات 
نبات بنات
بتحلم تضوى زى النجوم
بتحلم ترفرف زى الرايات
بنات بنات 
بتقدر تعاند وتقدر تثور
لكن ساعات بتجرى الساعات
دق الساعات بيجرح حاجات
ويخنق حاجات
فى بلد البنات كل البنات 
( أغنية للفنان محمد منير )



13‏/02‏/2013

وردة حب



ظلت لأيام تفكر , ماذا ستحضر له هذا العام ؟ تود أن تجعل عيد الحب مميزا  ليس كأعياد الحب المتكرره , ومع ذلك لم يأت ببالها سوى الورد , وبالرغم من أن هدية العام الماضى كانت وردة إلا إنها ترغب فى إخباره بأنها ستظل وردته التى أهدتها له قبل أعوام  حين عرفته لأول مره , فى الصباح استيقظت منتعشة , مبتهجة على غير أيامها ومن أقرب محل للورود أحضرت منه وردة واحدة حمراء , ظلت تقول فى نفسها : سأظل وردته التى كان دوما يتغنى بها , سأصير أكثر نضارة من هذه الوريقات الحمراء . وبإبتسامة الرضا عادت الى غرفتها منتظرة موعد اللقاء , راحت تتجول فى صفحات الماضى القريب , قفز الى تفكيرها كيف تعرف عليها من موقع الفيس بوك , وكيف لان حديثهم حتى وقعوا فى غرام إلكترونى فريد من نوعه , حب طفولى بدأ بإبتسامة إلكترونيه حتى وصل إلى قمته برمز قلب .
تذكرت الليالى الطويلة التى باتا يتبادلون فيها النكات , لم تنس حين وصفته بالرخامه لأنه يطيل التعليق على كلماتها , وتتغير ملامحها كلما تذكرت موقفا , إبتسمت حين تذكرت ضحكته الإلكترونيه الممثلة بـ هههههههه أو رمز الوجه الضاحك ذو الأسنان , بكت قليلا حين تذكرت المشاجرة التى إستمرت لساعات وهو مصر على النزول للمظاهرات , ولكنها نفضت غبار الذكريات وراحت تنظر الى الورده فبدأت بلمس أوراقها وقربتها لتقبلها , وأغمضت عينيها ووصتها كأنها تترجاها  بأن تقاوم الذبل وتكافح الجفاف وتحافظ على عطرها محاطا به ليتذكرها بها دائما .
فتحت حاسوبها وقلبت بين الملفات حتى أخرجت صوره , وقلبت بينها وعيونها تلمع إلى أن دقت الساعة الثانية عشر ظهرا , موعد ما قبل اللقاء فسحبت قصاصة المعايدة سريعا ثم توقفت لم تعرف ماذا تكتب فالعام الماضى كانت وردة إلكترونيه ولم تكتب معها تعليقا , أما الآن وهو أول لقاء لهما فلابد من التحضير والتجهيز  فقررت البساطه وكتبت :
“ happy valentine day my love “
وإستعدت للقاء فأرتدت فستانا أحمر لتصير أجمل من الوردة , وتزينت لأول موعد ترتقبه منذ سنوات , ثم خرجت من البيت الى آخر الشارع ومنه عبر الأزقة الجانبية حتى أنتهت البيوت الفاخرة وظهرت بيوت ما تحت الأنقاض , فتوقفت الأطفال عن اللعب والنساء المتراكمة على أعتاب البيوت عن الثرثرة .. الجميع يتأملها وهى تمر وسطهم كزهرة وسط الأشواك حتى وصلت إلى البوابة الكبيرة التى مرت من خلالها إلى بيوت أصغر وأصغر سارت بينها فى الممرات الضيقة حتى وقفت أمام أحدهما ,فأنحنت أمام بابه ووضعت الوردة على الأرض وبدأت تقرأ الفاتحة على روح حبيبها شهيد القمع والظلم ثم أنصرفت .

11‏/02‏/2013

نقطة حبر



نقطة حبر هزت أركان الورقة , إرتعشت اليد وهى تخط أولى الحروف , وتشبعت الألياف بما أحتوته من كلمات , تحولت المشاعر الى مخطوطات , وإنتقلت الأحداث عبر الأزمنة حتى صارت الكلمة سلاح ضد كل أركان الخواء , وأرتفعت أسنة الأقلام لتضع أول تنوير فى طريق الحضارة والتقدم , لتضع الإنسان فى مرتبته فوق الحيوانات , لم يميزه عنهم سوى الإدراك الذى نأى به عنهم وجعله سيدا عليهم .
قبل هذا صب الحديد منصهرا ودق بالمطارق حتى أستوى وحدت حوافه , وتدربت الأيادى وتفننت فى إستخدامه حتى أرتفعت أسنة السيوف لتراق أول نقطة دم فى طريق الحروب والتعصبات , فى طريق الأحتلالات والهيمنه , الإبادات العرقيه والمقابر الجماعيه , القتل تحت أى مسمى ولكنه قتل .
إنتظر .. لم تتلاقى الأسنة بعد ولكننا برؤية مصغرة أمام طريقين أيهما ستختار ؟؟ .. لك مطلق الحرية ولكن دعنى أكمل .
إلتقت أسنة الأقلام وأسنة السيوف , كيف ؟ ولماذا ؟ فإما قلم خط وأشار للسيف أن يفعل فعلته , أو قلم وقف وحيدا ضد السيف فكسرت سنونه , وأرتفع السيف عاليا , ولكن القلم لا يحتاج لصهر وطرق أو تدريب وإنما يكفيه قليل من الحبر ويكمل الكفاح فى وجه السيف .
أين التقدم والحضارة إذا فى لون الدماء ؟ هل هو بالأمر المحبب أم بالجاذبية العاطفية ؟ !! لا أعتقد أبدا أن هناك فرق بيننا وبين الحيوانات الأقل منا فى المرتبة أو التدريج , وحتى الإدراك الذى تفوقنا به عليهم هبط إلى أسفل سافلين , وقد صار فى إعتقادى أن البشرية من أخطر الحيوانات على وجه الأرض , أخطر من الأفعى وأشرس من القرش , فحين ننظر الى عدد من ماتوا فى الحروب الكبرى على مر التاريخ , بغض النظر عن الحروب الصغرى التى قد تساوى أضعافا او بالخلافات الفرديه التى تصب فى كفة القتل , فإننا لا نقارن بأشرس الحيوانات .
فأى إدراك هذا الذى يؤدى فى النهاية إلى أقتتال لإبادة الفصيل البشرى , أى إدراك هذا الذى يختلق الأوهام ويورثها ليصنع المذابح البشرية التى لو سجلت فى موسوعات خاصة قد ترى التسابق بينهم فيمن يقتل أكثر , لن أقول الحجاج أو هتلر أو موسلينى ولكن سأقول بشرا تحولوا لقطع شطرنج تحركها أيادى فى حروب تصب فى النهاية لمصالح خاصة أو مجد بلا مجد , ثم يتراقصون على الدماء منتعشين بفورة النصر الكاذب , وأى نصر بعد القتل ؟
الإنسان مصطلح لا يطلق على بنى البشر , بل هو كينونة ترتقى بإستبدال القلم محل السيف وإستكمال مسيرة الإرتقاء .

شارك اصدقائك