13‏/02‏/2013

وردة حب



ظلت لأيام تفكر , ماذا ستحضر له هذا العام ؟ تود أن تجعل عيد الحب مميزا  ليس كأعياد الحب المتكرره , ومع ذلك لم يأت ببالها سوى الورد , وبالرغم من أن هدية العام الماضى كانت وردة إلا إنها ترغب فى إخباره بأنها ستظل وردته التى أهدتها له قبل أعوام  حين عرفته لأول مره , فى الصباح استيقظت منتعشة , مبتهجة على غير أيامها ومن أقرب محل للورود أحضرت منه وردة واحدة حمراء , ظلت تقول فى نفسها : سأظل وردته التى كان دوما يتغنى بها , سأصير أكثر نضارة من هذه الوريقات الحمراء . وبإبتسامة الرضا عادت الى غرفتها منتظرة موعد اللقاء , راحت تتجول فى صفحات الماضى القريب , قفز الى تفكيرها كيف تعرف عليها من موقع الفيس بوك , وكيف لان حديثهم حتى وقعوا فى غرام إلكترونى فريد من نوعه , حب طفولى بدأ بإبتسامة إلكترونيه حتى وصل إلى قمته برمز قلب .
تذكرت الليالى الطويلة التى باتا يتبادلون فيها النكات , لم تنس حين وصفته بالرخامه لأنه يطيل التعليق على كلماتها , وتتغير ملامحها كلما تذكرت موقفا , إبتسمت حين تذكرت ضحكته الإلكترونيه الممثلة بـ هههههههه أو رمز الوجه الضاحك ذو الأسنان , بكت قليلا حين تذكرت المشاجرة التى إستمرت لساعات وهو مصر على النزول للمظاهرات , ولكنها نفضت غبار الذكريات وراحت تنظر الى الورده فبدأت بلمس أوراقها وقربتها لتقبلها , وأغمضت عينيها ووصتها كأنها تترجاها  بأن تقاوم الذبل وتكافح الجفاف وتحافظ على عطرها محاطا به ليتذكرها بها دائما .
فتحت حاسوبها وقلبت بين الملفات حتى أخرجت صوره , وقلبت بينها وعيونها تلمع إلى أن دقت الساعة الثانية عشر ظهرا , موعد ما قبل اللقاء فسحبت قصاصة المعايدة سريعا ثم توقفت لم تعرف ماذا تكتب فالعام الماضى كانت وردة إلكترونيه ولم تكتب معها تعليقا , أما الآن وهو أول لقاء لهما فلابد من التحضير والتجهيز  فقررت البساطه وكتبت :
“ happy valentine day my love “
وإستعدت للقاء فأرتدت فستانا أحمر لتصير أجمل من الوردة , وتزينت لأول موعد ترتقبه منذ سنوات , ثم خرجت من البيت الى آخر الشارع ومنه عبر الأزقة الجانبية حتى أنتهت البيوت الفاخرة وظهرت بيوت ما تحت الأنقاض , فتوقفت الأطفال عن اللعب والنساء المتراكمة على أعتاب البيوت عن الثرثرة .. الجميع يتأملها وهى تمر وسطهم كزهرة وسط الأشواك حتى وصلت إلى البوابة الكبيرة التى مرت من خلالها إلى بيوت أصغر وأصغر سارت بينها فى الممرات الضيقة حتى وقفت أمام أحدهما ,فأنحنت أمام بابه ووضعت الوردة على الأرض وبدأت تقرأ الفاتحة على روح حبيبها شهيد القمع والظلم ثم أنصرفت .

11‏/02‏/2013

نقطة حبر



نقطة حبر هزت أركان الورقة , إرتعشت اليد وهى تخط أولى الحروف , وتشبعت الألياف بما أحتوته من كلمات , تحولت المشاعر الى مخطوطات , وإنتقلت الأحداث عبر الأزمنة حتى صارت الكلمة سلاح ضد كل أركان الخواء , وأرتفعت أسنة الأقلام لتضع أول تنوير فى طريق الحضارة والتقدم , لتضع الإنسان فى مرتبته فوق الحيوانات , لم يميزه عنهم سوى الإدراك الذى نأى به عنهم وجعله سيدا عليهم .
قبل هذا صب الحديد منصهرا ودق بالمطارق حتى أستوى وحدت حوافه , وتدربت الأيادى وتفننت فى إستخدامه حتى أرتفعت أسنة السيوف لتراق أول نقطة دم فى طريق الحروب والتعصبات , فى طريق الأحتلالات والهيمنه , الإبادات العرقيه والمقابر الجماعيه , القتل تحت أى مسمى ولكنه قتل .
إنتظر .. لم تتلاقى الأسنة بعد ولكننا برؤية مصغرة أمام طريقين أيهما ستختار ؟؟ .. لك مطلق الحرية ولكن دعنى أكمل .
إلتقت أسنة الأقلام وأسنة السيوف , كيف ؟ ولماذا ؟ فإما قلم خط وأشار للسيف أن يفعل فعلته , أو قلم وقف وحيدا ضد السيف فكسرت سنونه , وأرتفع السيف عاليا , ولكن القلم لا يحتاج لصهر وطرق أو تدريب وإنما يكفيه قليل من الحبر ويكمل الكفاح فى وجه السيف .
أين التقدم والحضارة إذا فى لون الدماء ؟ هل هو بالأمر المحبب أم بالجاذبية العاطفية ؟ !! لا أعتقد أبدا أن هناك فرق بيننا وبين الحيوانات الأقل منا فى المرتبة أو التدريج , وحتى الإدراك الذى تفوقنا به عليهم هبط إلى أسفل سافلين , وقد صار فى إعتقادى أن البشرية من أخطر الحيوانات على وجه الأرض , أخطر من الأفعى وأشرس من القرش , فحين ننظر الى عدد من ماتوا فى الحروب الكبرى على مر التاريخ , بغض النظر عن الحروب الصغرى التى قد تساوى أضعافا او بالخلافات الفرديه التى تصب فى كفة القتل , فإننا لا نقارن بأشرس الحيوانات .
فأى إدراك هذا الذى يؤدى فى النهاية إلى أقتتال لإبادة الفصيل البشرى , أى إدراك هذا الذى يختلق الأوهام ويورثها ليصنع المذابح البشرية التى لو سجلت فى موسوعات خاصة قد ترى التسابق بينهم فيمن يقتل أكثر , لن أقول الحجاج أو هتلر أو موسلينى ولكن سأقول بشرا تحولوا لقطع شطرنج تحركها أيادى فى حروب تصب فى النهاية لمصالح خاصة أو مجد بلا مجد , ثم يتراقصون على الدماء منتعشين بفورة النصر الكاذب , وأى نصر بعد القتل ؟
الإنسان مصطلح لا يطلق على بنى البشر , بل هو كينونة ترتقى بإستبدال القلم محل السيف وإستكمال مسيرة الإرتقاء .

10‏/02‏/2013

المؤامرة بين الإعجاز والوهم



أتذكر منذ سنوات طويله ومع بداية ظاهرة ما يسمى بالإعجاز العلمى فى القرآن الكريم , ظهر فى الأفق البعيد عبر تليسكوبات وكالة ناسا ثلاثة أجرام سماويه تدور فى مسارات غير منتظمه , وترامى كلاما كثيرا حول إذا ما سيتم إضافتهم ضمن المجموعة الشمسيه وإعتبارهم كواكبا أم ستظل مجرد أجرام سماويه أم كويكبات , ولم ينتظر الدكتور زغلول النجار إتمام البحث حتى يعلن على الملأ أن هذا من الإعجاز العلمى للقرآن الكريم وأن علماء الفلك لم يكتشفوا جديدا والدليل مذكور فى سورة يوسف فى قوله تعالى " إنى رأيت أحد عشر كوكبا والشمس والقمر رأيتهم لى ساجدين " يوسف 4 , بل وتجاهل التعريف العلمى لكلمة كوكب وأستبعد أحد هذه الأجرام وأعلن أن المجموعة الشمسيه أحد عشر كوكبا كما جاء فى نص الآيه ضمنيا , وفى حين أن تفسير الآيه القرآنيه هو أن الأحد العشر كوكبا يقصد بهم إخوة يوسف والشمس والقمر هما أبواه , إلا أنى صدقت قوله وكنت منبهرا كثيرا بكلامه البسيط المنمق , وما زاد انبهارى هو الموضوع ذاته , وشعرت بفخر فوق فخر .
كنت وقتها فى المرحلة الثانويه , بعدها بفترة وجيزة أعلن الإتحاد الفلكى الدولى طبقا للتعريف العلمى لكلمة كوكب وهو " الكوكب جرم سماوى يدور فى مدار حول نجم أو بقايا نجم فى الفضاء , وهو كبير بما يكفى ليصبح شكله مستديرا بفعل قوة جاذبيته ولكنه ليس ضخما بما يكفى لدرجة حدوث إندماج نووى حرارى , ويستطيع أن يخلى مداره من الكواكب الجنينيه ( الكويكبات ) " خروج بلوتو ( الكوكب التاسع ) من المجموعة الشمسية لتصبح ثمانية بدلا من تسع .
بالطبع إختفى زغلول النجار قليلا عن الساحه بعد أن ظهرت محاولاته الفاشله لتطويع النص الذى من المفترض لا يحتاج إلا إكتشاف ليثبت إعجازه .. ليس هذا ما أود الحديث عنه ولكنى حين علمت بخروج بلوتو من المجموعة الشمسية تحدثت مع بعض معارفى من المنتمين لجماعة الأخوان المسلمين والدعوة السلفيه وأذهلنى دفاعهم المستميت  عن أقوال زغلول النجار وبت مصدقا قولهم بأن هناك مؤامرة تحاك ضد الإسلام من زعماء الغرب الكفره , والدليل أن وكالة ناسا والأتحاد الفلكى كلها مؤسسات تابعه للولايات المتحدة الأمريكيه , وكيف لهم أن يظهروا إكتشافا يؤيد الإسلام , وهنا أكد لى أحدهم أن لديه معلومات بأن أكثر من نصف العاملين بناسا أسلموا من كثرة الأكتشافات التى إتضح وجود أدله عليها فى القرآن الكريم .
إيمانى حينها بنظرية المؤامره ضد الإسلام كان من غيرتى على الإسلام والتى تعمقت بكلام الشيوخ على المنابر بدعواتهم المتكرره بإهلاك كل ملة غير الإسلام , وكلام المدرسين فى المدرسه والدعاة على شاشات التلفاز , لم يراودنى شك للحظه فى صدق أى قول أختتم بأن هناك مؤامره ضد الإسلام وأن أهل الكفر يحاربون من أجل منع نشر الدين الحنيف .
ثم تحولت فكرة المؤامره الى أسلوب حياة لكل من أراد الكسب بالمتاجرة بها , فبعد الإعجاز العلمى فى القرآن الكريم ظهر الإعجاز العددى ثم الإعجاز القصصى وأخيرا وليس آخرا الإعجاز السينمائى , ولا أخفى عليكم بأن مثل هذه الأعمال بقدر ما يربح المنادى بها من أموال فإنها تضر بالدين حين يظهر كذب صاحبها أو إنعدام المنطق القائل به .
فبعد أن علمت بأن هناك أسس واضحة للبحث العلمى من المفترض أن يعرفها كل دارس بداية من ملاحظة ثم فرضية ثم تجربة ثم إستنتاج وفى النهاية الحصول على نظرية , عرفت كيف أن أبحاث الإعجاز العلمى الذى تبناها البعض مبنية على فرضيات وليست نظريات , وأن نظرية المؤامره مجرد وهم نعيش فيه , وأن الوضع من بدايته الى نهايته مجرد أطماع سياسيه سواء للغرب او دعاة الزعامة الدينيه , ولكن من تحولت عندهم نظرية المؤامره لأسلوب حياة سيصدقون دائما أن هناك أيادى خفيه خلف كل حادثه , وأن إقتناعهم الأوحد بزعامة من وثقوا فيهم أودت بهم الى تصديق أنهم قادة الإسلام وأن من يعارضهم فهو يعارض الإسلام , ليس هذا وفقط بل ومدعوم من الغرب الكافر سواء كان بالأموال أم بالدعم النفسى , وحتى لو ظهر عكس ذلك بأن أعلن قادة الغرب الكافر دعمهم لقادتهم ضد معارضيهم فستظل دائما فى مخيلتهم نظرية المؤامره والمخططات السريه ضد الإسلام .


شارك اصدقائك