20‏/02‏/2012

يوم بناء طالب علم



رب يوم كأى يوم لا جديد فيه ولا قديم , او انه اليوم الموعود , لا اعلم فقد تجهزت للقاء وكأنه اللقاء المحتوم واعتدلت فى المشيه بعد ارتدائى بدله منمقه , اتزين كانه يوم عرسى ,حلقت ذقنى ومشطت شعرى وصرت كمن ينتظر قدوم عروسه , وبدأت اتبختر فى مشيتى من يرانى كأنه الطاووس بكل غروره وتحركت الى خارج غرفتى ووقفت وتذكرت وجهتى فانتابتنى رجفه هزت كيانى ودب الخوف فى جسدى وارتعشت يدى وبدأ الألم يقطع احشائى ورحت اذهب واجئ لقضاء حاجتى , ويمر الوقت وانا احاول التهدئه من روعى .
لم كل ذلك؟ هل انا ذاهب لالقى حتفى ؟,ام سيذج بى فى سجن مظلم عميق حتى ازوب بين جدرانه  مع تعاقب الازمنه , وإن كنت كذلك لم هذا الذى الذى ارتديته وتنمقت وتزينت . هل هناك من يتزين ليمر فى العذاب ؟؟؟ هذا انا ومعى كل زملائى فاليوم امتحان ماده الباطنه والتى قيل عنها قتلت مؤلف كتبها واصيب بالجنون دارسيها وراح يتخبط هنا وهناك راغبيها ورسم على ابواب مدخلها الجماجم والعلامات التحزيريه وراح امتحانها كسلخ الجلد عن اللحم بدون تخدير , هكذا يروون عنها فى الاساطير والكتب .
اتحرك خطوه للإمام وخطوتين للخلف حتى وصلت مبتغاى وحولى اصدقائى وزملائى تجازبنا وانشققنا وكأنه اليوم الذى لا يعرف الخل خليله من سيدخل اولا ؟ ومن سيدخل اخرا ؟ والعامل المشترك فى كل ان الجميع سيدخل ويمر من البوابات المثقله بهموم من قبلنا . جاء دورى واستسلمت لمصيرى . اخذ بيدى احد النواب من القسم المذكور وأوقفنى بجانب سرير ملقى عليه مريض فى جلباب بهى ومستلقى وامامه بطنه الكبيره , نظر إلى بعينان صفراوان وجلد شاحب , لا اعلم ماذا افعل هل ابدأ بالكشف ام اصمت حتى ارى ماذا سيحدث ورفعت نظرى فوجدت الورقه المعلقه على الجدار فوق رأس المريض وهنا عرفت المطلوب منى فاستبشرت واقتربت من المريض فاعترض تقدمى يده ممتده تجاهى ويغمز لى بعينه فلم اعى المطلوب ولكنه قال بصوت هامس محركا اصابعه "ادفع " بماذا ادفع ؟ وهل المفترض على الطبيب ان يلقى ببعض المال ليسمح له بوضع يده ؟ وهنا استسلمت واخرجت له مبلغا وحين امسك بالمال استرسل بالحديث واخبرنى بالاسئله والاجوبه , حتى جاء الممتحن وقلت له ما اخبرنى به المريض وانبهر وزاد انبهاره حين اكدت على الكلام بمعلومات من عندى , وانتقلت من مريض الى الاخر حتى انتهى المال من جعبتى وصرت ابيض الجيوب مفرغ اليدين ليس فيها الا ورقه وقلم وحقيبه ادوات طبيب ماهر يحلم بمستقبل مشرق , درس من الاعوام خمس وانتقل من بلده لطلب العلم ظانا بأن هناك من يد
ٌرسون اصول الطب ويعلمون الحكمه عن يقين .
افقت وانا امام اخر مريض مفرغ اليدين واكتشفت ان هذا هو مايسمى بالحاله الاساسيه التى سأمر بالفحص من منبت شعره حتى اظافر قدمه , فهذا المريض له مكانه خاصه فهو يتلقى من الاموال اضعاف قرنائه , انتابتنى رعشه وهو يطلب منى المال . ليس هناك مال ولا طريق لارضائه فتحركت الافكار فى ذهنى افكر وافكر هل انادى على ممتحن ليجبره ام اجرب حظى بالشكوى والتذلل له طالبا منه السماح وكأنى من ابنائه أم اعتمد على خبرتى واجرب حظى ؟؟؟؟؟؟
جربت الاولى فلم الق من الممتحن ان قال لابد من الدفع . جربت الثانيه فتبسم قائلا ومن انت حتى تشبه نفسك بأبنى .
ضاقت السبل ولا سبيل الا الاخيره فاخذت افحصه واقلبه وهو يضحك بأنى لن اصل لشئ ولكن ذاكرتنى ادرتنى انى رأيته من قبل وعرفت مرضه وجاء الممتحن . تحدثت بلباقه لا مثيل لها وايقنت ان مجهودى افضل من تلقى الاجابات بالاموال وبعد ساعه من الحديث عادت لنفسى الثقه وانا ابذل قصارى جهدى امام من يسمع فى صمت منتظر انتهائى ليضع تقييمه . انتهيت منتظر ابتسامه منه فقابلنى بوجه عبوس مخبرا اياى ان ما قلت ما هو الا اقوال المريض بعد تلقيه الكثير من الاموال وان ما فى عقلى سوى الجهل المتراص عبر السنين من التعبئه دون فهم , وكيف سأخرج من هنا ناجحا لأمر على المرضى اعالجهم بجهلى فأقتلهم او اصيبهم بأمراض هم فى غنى عنها .
محاضره فى الاخلاق يلقيها على مسامعى استاذ دكتور لم نراه فى مدرج المحاضرات سوى مره بعد تاخير استمر ساعه والقى المحاضره يومها فى عشر دقائق متحججا باننا لن نفهم ما يقول فهو ذو حكمه لا يعيها الجهال  وانه لن يخاطب من لا يسمع ولا يدرك مقدار ما يلقيه من علم .
ابتسمت مدركا انه لا مكسب غيرها , فقد جاء بكل زملائه التفو حولى أنا ومريضى المشؤم الذى لم يجد منى مبتغاه , الضحكات من حولى تناثرت , لم يتهامسو بالكلمات ولم يتهامسوا قالوا بها علنا وتفاخروا بارتفاع صوتهم , ابقيت صامتا مستمعا حتى استفزتهم ضحكاتى , وليكون ضميرهم فى سبات هنئ بدأوا ينهالون على بالاسئله وقد و
ُفقت فى الاجابه , ازداوا فى الاسئله وانهلت عليهم بالاجابات وكأنها معركه البقاء بينى وبينهم وهنا شمرت عن ساعدى وبدأت سيطرتى على الموقف حتى انسحب بعض من الملتفين وادركت انى قد ربحت . فسمحوا لي بالذهاب .................
لملمت اغراضى وخرجت من البوابه المشؤمه فى مشيه المنتصر ولم اعود اليها مدركا كم التقدم العلمى فى بلدى  الذى لا يزيد عن دفع الاموال لتتقدم ,,,,,,,,,,,

شارك اصدقائك